السلم عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله في الشيخ سمير
]لسَّلفيَّةُ هيَ مذهبُ الإمامِ مالك ، ومذهبُ الإمامِ مالكٍ هو السَّلفيَّةُ
هذا هو الحق الذي لا ريب فيه ...
الامام مالك ليس اشعريا ولا صوفيا
بل هو سلفي عقيدته سلفية
فدعوى التصادم التي يحاول بعض الطرقية والقبورية تصويرها بين مذهب الامام مالك وبين السلفية لاوجود لها الا في عقولهم المريضة
وكذلك دعوة جمعية العلماء المسلمين كانت دعوة سلفية نقية
[size="5"]قال الله تعالى : ﴿وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ [الإسراء:81]
السَّلفيَّةُ هيَ مذهبُ الإمامِ مالك ، ومذهبُ الإمامِ مالكٍ هو السَّلفيَّةُ (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا ينقمون من السَّلفيَّة ؟ وما الَّذي أفزَعهُم فيها ؟ وما العيبُ الَّذي أتتْ بِهِ ؟ وما ضَرَّهم إذا كان النَّاسُ يَرجعونَ إليها ويُقبلون عليها ؟ وماذا عليهم إذا كان مِن الأغْيَارِ مَنْ تبنَّاها ودعا إليها وثبَّتها في أرضِهِ وتحت سلطانه وجعلَ يُبَشِّرُ بها ويُقَرَّرُ حَقَّهَا ولُزَومَ الأخْذِ بهِ والرُّجوع إليه ؟!
هي السَّلفيَّة ليست لقوم دون آخرين ولا من خصائص أُمَّةٍ دون أخرى ، بل هيَ لكلِّ بَنْي الإسلام وأتباع الرَسول عليه السَّلام ، فمَن أخذ بها منَّا : فَرْدًا كانَ أو جماعة ، فإنَّما قُدْوَتُهم القرآن والسُّنَّة وما كانَ عليه الصَّحابةُ والتَّابعُون والأئمَّة ، لا نِسبةَ لهم إلاَّ إليها ، ولا متبوع لهم إلاَّ إيَّاها ، فليست نسبتهم إلى شخص دون محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ولا انتماؤهم إلى طائفةٍ أو أمَّةٍ دونَ أُمَّةِ الصَّحابةِ رضوان الله عليهم ... وهذه أمثلةٌ لزيادةِ الإيضاح : قامَ بعضُ المنوّرين في إحدى مدن بلدنَا الجزائر في مطلع الثَّلاثينيَّات من القرن الماضي الإفرنجي بإزالة بعضِ بدع القبور وقطع مادّة الإفتتانِ بها ، فكتبَ عنه بعضُ المادحين فيمَا كتبَ إنَّ ما قام به هو عملٌ بسُنَّةِ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم واقتداءٌ بالملك السَّلفيّْ عبد العزيز بن سعود ملك الحجاز ، فتعقَّبه من كتبَ باسمِ مُوَحِّد " اقتداءٌ بالسَّلفٍ الصَّالح لا بالإمام ابن سعود " ، وقال تحت هذا العنوان : " ... فإنَّنَا لا نشُكُّ أن مثلَ هذا الإمام يَأتون ما يأتون مِن إحْيَاءِ السُّنن وإماتة البدع اتباعًا للكتاب والسُّنَّة وعمل السَّلفِ الصَّالح ، إذ هذه هي الأصُول المرجُوعُ إليها والـمُقتدَي بها ، والـمُحتجُّ بها ، وما ابن السُّعود وغيرهُ إلاَّ واحدٌ مِن المتَّبعين لها ، يقبل ما وافقها ويردُ ما خالفها ، نُريدُ أن يُعْلَمَ أنَّا لا نُدْخِلُ الأشخاصَ في طريق الاتباعِ للكتاب والسُّنَّةِ ، ولاَ لَنا علاقةٌ في قوَّةِ الحَقّ بأحدٍ مِن أنْصَار الحقُّ في الأوطان الأخرى ، مُوَحِّد " إ.هــ
وهذا الشَّيخ البشير الإبراهيمي الَّذي أقامَ في بلاد المشرق وفي الحجاز سنين عددَا ، قبل تأسيس مملكة ابن سعود ، بل في زمانِ اضطهاد الدَّعوةِ السَّلفيَّة ، ومُعاقبةٍ (اسْتِتَابةِ) مَن دعا إليها وأعلنَ بها ، في زمانِ تسلُّط أعداء هذه الدَّعوة ومُحاربي هذا الـمَشْرَب ، يُصّرح الإبراهيميِّ بأنَّ اهتداءَهم إلى السَّلفيَّة لم يكن تأثُّرًا بحالةٍ غالبة هنالِك ، بل لم يكن للإصلاح شأنٌ يُذكر ولم يكن يتبنَّاهُ سوى أشخاصٌ معدودون ، وأَرْجَعَ تأثرَهم وتأثَّرَهُ هُوَ خاصَّةً إلى : عنايته بكتب الحديث رواية ودرايةً وطبقات المحدّثين وسِيَر السَّلف الصَّالحين فانجذب إلى السُّنَّة وإلى السَّلفيَّة ، وطَالعَ كُتب الأئمَّة الفُحُول المصلحين كالقاضي ابن العربيِّ والحافظ ابن عبد البرّ وأبي إسحاق الشَّاطبي وشيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم وغيرهم ، فقوَّى فيه ذلك النَّزعةَ السَّلفيَّة وزاده صلابةُ فيها ، وفي الدَّعوة إليها ، وهو القائل : " وإنَّ هذه الفئة الَّتي رجعت من الحجاز بالهَدْي المحمَّدي الكامل ، قد تأثّرت بالإصلاح تأثّرًا مُبَاشِرًا ، مُسْتَمْدًّا قُوَّتَهُ وحَرَارَتَهُ مِنْ كلام اللهِ وسُنَّةْ رسولِهِ مُبَاشَرَةٌ ، ولم تكن قطُّ مُتَأثّرَةً بحالٍ غالبةٍ في الحجاز ، فلم يكن الإصلاح في ذلك الوقت شأنٌ يُذكر في الحجاز إلاَّ في مجالس محدودةٍ وعند علماء معدودين " [ السجلّ (ص:42)]
وهذا الإمامُ ابن باديس رحمه الله يُؤكِّدُ كلامَ الإبراهيميِّ ، إذْ لـمَّا صار ينعتُّهُ أعداءُ السَّلفيَّة الَّتي أعلنَ بها بأنَّه عَبْدَويٌّ وهَّابيٌّ ، وقال : إنَّه لم يقرأ كتابًا واحدًا لابن عبدّ الوهَّاب ، وقال تحت عنوان : "الدَّعوة الإصلاحيَّة هنا وهنالك" : " ... لم يَزَلْ في هذه الأمَّةِ في جميع أعصارها وأمصارها مَن يُجاهِدُ في سبيل إحيْاءِ السُّنَّة وإمَاتَةِ البدعة بكُلِّ ما أُوتِـيَ مِنْ قُدْرَةٍ ، وَلَـمَّا كانت كلُّ بدعة ضلالة محْدَثةٌ لا أصْلَ لها في الكتاب والسُّنَّة ، كان هؤلاء المجاهدون كلُّهُم : (يَدعون النَّاس إلى الرُّجُوعِ في دينهم إلى الكتاب والسُّنَّة وإلى ما كان عليه أهلُ القرون الثَّلاثة خير هذه الأمَّة الَّذين هُمْ أَفْقَهُ النَّاس فيها ، وأَشَدُّهُمْ تَمَسُّكًا بِهِمَا) ، هذه الكلمات القليلةَ المحصورة بين هلالين هي ما تدعو إليه هذه الصحيفة أي – صحيفة الشِّهاب – منذُ نشأتِها ويُجاهِدُ فيه المصلحُون مِنْ أنْصَارِهَا ... وهي ما كان يدعو إليه الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب رحمه الله ، وهي ما كان يَدعو إليه جميع المصلحين في العالم الإسلامي قبلهم ، وإنَّما عرف النَّاسُ هؤلاء وخصَصْنَاهُمْ لَهُمْ بالذِّكْرِ للمُعَاصَرةِ وقُرْبِ العَهْدِ وشُهْرَةِ الدَّعْوَةِ
الكتابُ واحد ، والسُّنَّة واحدة ، والغاية – وهي الرّجوع إليهما – واحدةٌ ، فبالضّرورة تكونُ الدّعوة واحدة ، بلا حاجةٍ إلى تعارف ولا ارتباط ، إن تباعدت الأعصار والأمصار.
هذه الحقيقة يَتَعَامَى الـمُبْدِعُونِ ذَوُو الأغراض عنها ، فَيُصَوِّرُونَ مِنْ خَيَالاتهم أشْبَاحًا وَهْمِيَّة للدَّعوة الإصلاحيَّة الدّينيَّة الـمَحْضَةِ الَّتي نقومُ بها فيقولون ... (وهَّابيَّة) ، ويقولون ... وهم في الجميع مُتَقَوِّلُونَ ، يقول الـمُتَقَوِّلُونَ على هذه الدَّعوة على ظهور حقيقتها ووُضوح طريقتها ويخصِّصون أتباع الشَّيخ ابن عبد الوهاب ، بالقِسْط الكبير " إ.هــ
وقال في موضع آخر : " إنَّ الغاية الَّتي رمى إليها ابن عبد الوهَّاب ، وسعى إليها أتباعه ، هي الَّتي لازال يَسعَى إليها الأئمَّةُ المجدِّدون ، والعلماء المصلحون في جميع الأزمان ، فلهَا أَلَّفَ أبو بكر ابن العربيِّ العواصم من القواصم ... وأَلَّفَ الإمام الشَّاطبيّْ الاعتصام ... وغيرهم مِن الأئمَّة وكتبهم كثير .... " "آثار ابن باديس" (5/33)
ولـمَّا زعم بعض أهل السِّياسة المغرضين بأنَّ جمعيَّة ابن باديس تنشر المذهب الوهَّابيِّ ، ردّ عليهم بقوله : " أَفَتَعُدُّ الدّعوة إلى الكتاب والسّنَّة وما كان عليه سلفُ الأمّة وطرْحَ البِدع والضّلالات واجتناب الـمُرْدِيَات والـمُهلكات نَشْرًا للوهَّابيَّة ؟... فأئمَّة الإسلام كلُّهم وهَّابيُّون ؟ ما ضَرَّنا إذا دعونَا إلى ما دعا إليه جميعُ أئمَّة الإسلام ؟ ... " "آثار ابن باديس (5/282-283)
وبإختصار عبارةٍ ، قال ابنُ باديس على لسان النُّخبة الجزائريَّة : " 2 ...نحنُ والإصلاح الدّيني :ليس لنا إمامٌ في هذا السبيل إلاَّ القرآن والسّنَّة وسيرة السَّلف الصَّالح ، وليست لنا غاية إلاَّ تصحيح العقائد ، وتهذيب الأخلاق ، وتقويم الأعمال ، وتنزيه الدّين عمَّا أَحْدَثَهُ فيه الـمُحْدثُون ، وليس لنا دَاعٍ يَدْعُونَا إلى هذا إلاَّ الشُّعُورُ بواجبِ النُّصحِ ، ومحبَّة الخير لإخواننا المسلمين الجزائريِّين ، ذلك الشُّعُور وتلك المحبَّة اللَّذان لم يزالا يَحْمِلاَنِ أمثالَنا في جميعِ الأُمَمِ على سُلوكِ مثلِ هذا السَّبيل ، إنَّنَا نسعَى إلى الإصلاح الدّيني في خصوص الأمَّة الجزائريَّة الَّتي نحن منها دون غيرها من الأمم الغنيَّة برجالها عنَّا ، وبدون أن تكون لنا أدنى علاقة خاصَّة بأيِّ أُمَّةٍ أخرى ، فأعمالُنا في هذا السَّبيل كلُّهَا مِنَّا ولَنَا ... (النُّخبة) " إ.هـ "الشِّهاب" ، العدد (12) ، (ص:4-5)
وآخرُ ما أَخْتِمُ به هذه الفقرة ما قال الشَّيخ ابن باديس : " الإصلاحيّون والسّلفيون عامٌ ، والوهَّابيون خاصٌ ، لأنهُ يُطلق على خصوص مَن اهتدَوْا بدعوة العلامة الإصلاحي السَّلفي الشَّيخ ابن عبد الوهَّاب ... وليعلم النَاقمون على السَّلفيَّة النَاظرُون إليها نظرَ السَّاخِطين ، ليعلمُوا أنَّ السَّلفيَّة هي المرجعيَّة الدِّينيَّة للجزائريِّين ، وهي الدَّعوةُ الأصليةُ في هذه الدِّيار ، لا كما يُحَاوِلُهُ مَنْ يَطْمِسُ الحَقَائقَ ويَعْمَى ويَصِمُّ عن الدَّلائل وَيولِّيها ظَهْرَهُ ، فيزعُمُ بأنَّها وافِدٌ دخيلٌ وجسمٌ غريبٌ في الأمَّة الجزائريَّة وخطرٌ دَاهَمَ ديارنَا وغَزْوٌ حَلَّ مَحلَّ أَصالتِنَا ! ... لا والله ! إذا كان هؤلاء يُرَدِّدُون في كلِّ مَناسبةٍ وبلا مُناسبةٍ أنَّهم لا يُريدون إلاَّ مذهبَ الإمام مالكٍ والطَّريقة المالكيَّة ، فإننا نقولُ لهم هاتُوا لنا مذهبَ الإمام مالكٍ ، فلا نجِدَهُ إلاَّ إمَامًا في السَّلفيَّة الحَقَّة ومَتْبُوعًا مِن كبار المتبُوعين في هذه الطَّريقةِ الشَريفةِ ، ولْنَعْرِضْ بَعْدُ مَن كان صادق الاتباعِ صحيحَ النِّسبةِ إلى هذا الإمام ، ممّن يَتمَوَّهُ بالنِّسبة إليه ، ومَنْ يُغطِّي انحرافَهُ عنِ السُّنَّةِ بالانتِماء إلى إمامِ السُّنَّة ....
سمير سمراد
إمام مدرس - الجزائر العاصمة
[المقال نُشر في جريدة الشروق ليوم الثلاثاء 22 جانفي 2013م الموافق لــ : 10 ربيع الأول 1434هــ / العدد : (3903)]
بقلم : الشَّيخ السَّلفي-خادم العلم- : الأُستاذ سمير سمراد – حفظه الله
بارك الله في الشيخ سمير
]لسَّلفيَّةُ هيَ مذهبُ الإمامِ مالك ، ومذهبُ الإمامِ مالكٍ هو السَّلفيَّةُ
هذا هو الحق الذي لا ريب فيه ...
الامام مالك ليس اشعريا ولا صوفيا
بل هو سلفي عقيدته سلفية
فدعوى التصادم التي يحاول بعض الطرقية والقبورية تصويرها بين مذهب الامام مالك وبين السلفية لاوجود لها الا في عقولهم المريضة
وكذلك دعوة جمعية العلماء المسلمين كانت دعوة سلفية نقية
[size="5"]قال الله تعالى : ﴿وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ [الإسراء:81]
السَّلفيَّةُ هيَ مذهبُ الإمامِ مالك ، ومذهبُ الإمامِ مالكٍ هو السَّلفيَّةُ (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا ينقمون من السَّلفيَّة ؟ وما الَّذي أفزَعهُم فيها ؟ وما العيبُ الَّذي أتتْ بِهِ ؟ وما ضَرَّهم إذا كان النَّاسُ يَرجعونَ إليها ويُقبلون عليها ؟ وماذا عليهم إذا كان مِن الأغْيَارِ مَنْ تبنَّاها ودعا إليها وثبَّتها في أرضِهِ وتحت سلطانه وجعلَ يُبَشِّرُ بها ويُقَرَّرُ حَقَّهَا ولُزَومَ الأخْذِ بهِ والرُّجوع إليه ؟!
هي السَّلفيَّة ليست لقوم دون آخرين ولا من خصائص أُمَّةٍ دون أخرى ، بل هيَ لكلِّ بَنْي الإسلام وأتباع الرَسول عليه السَّلام ، فمَن أخذ بها منَّا : فَرْدًا كانَ أو جماعة ، فإنَّما قُدْوَتُهم القرآن والسُّنَّة وما كانَ عليه الصَّحابةُ والتَّابعُون والأئمَّة ، لا نِسبةَ لهم إلاَّ إليها ، ولا متبوع لهم إلاَّ إيَّاها ، فليست نسبتهم إلى شخص دون محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم ولا انتماؤهم إلى طائفةٍ أو أمَّةٍ دونَ أُمَّةِ الصَّحابةِ رضوان الله عليهم ... وهذه أمثلةٌ لزيادةِ الإيضاح : قامَ بعضُ المنوّرين في إحدى مدن بلدنَا الجزائر في مطلع الثَّلاثينيَّات من القرن الماضي الإفرنجي بإزالة بعضِ بدع القبور وقطع مادّة الإفتتانِ بها ، فكتبَ عنه بعضُ المادحين فيمَا كتبَ إنَّ ما قام به هو عملٌ بسُنَّةِ الرَّسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم واقتداءٌ بالملك السَّلفيّْ عبد العزيز بن سعود ملك الحجاز ، فتعقَّبه من كتبَ باسمِ مُوَحِّد " اقتداءٌ بالسَّلفٍ الصَّالح لا بالإمام ابن سعود " ، وقال تحت هذا العنوان : " ... فإنَّنَا لا نشُكُّ أن مثلَ هذا الإمام يَأتون ما يأتون مِن إحْيَاءِ السُّنن وإماتة البدع اتباعًا للكتاب والسُّنَّة وعمل السَّلفِ الصَّالح ، إذ هذه هي الأصُول المرجُوعُ إليها والـمُقتدَي بها ، والـمُحتجُّ بها ، وما ابن السُّعود وغيرهُ إلاَّ واحدٌ مِن المتَّبعين لها ، يقبل ما وافقها ويردُ ما خالفها ، نُريدُ أن يُعْلَمَ أنَّا لا نُدْخِلُ الأشخاصَ في طريق الاتباعِ للكتاب والسُّنَّةِ ، ولاَ لَنا علاقةٌ في قوَّةِ الحَقّ بأحدٍ مِن أنْصَار الحقُّ في الأوطان الأخرى ، مُوَحِّد " إ.هــ
وهذا الشَّيخ البشير الإبراهيمي الَّذي أقامَ في بلاد المشرق وفي الحجاز سنين عددَا ، قبل تأسيس مملكة ابن سعود ، بل في زمانِ اضطهاد الدَّعوةِ السَّلفيَّة ، ومُعاقبةٍ (اسْتِتَابةِ) مَن دعا إليها وأعلنَ بها ، في زمانِ تسلُّط أعداء هذه الدَّعوة ومُحاربي هذا الـمَشْرَب ، يُصّرح الإبراهيميِّ بأنَّ اهتداءَهم إلى السَّلفيَّة لم يكن تأثُّرًا بحالةٍ غالبة هنالِك ، بل لم يكن للإصلاح شأنٌ يُذكر ولم يكن يتبنَّاهُ سوى أشخاصٌ معدودون ، وأَرْجَعَ تأثرَهم وتأثَّرَهُ هُوَ خاصَّةً إلى : عنايته بكتب الحديث رواية ودرايةً وطبقات المحدّثين وسِيَر السَّلف الصَّالحين فانجذب إلى السُّنَّة وإلى السَّلفيَّة ، وطَالعَ كُتب الأئمَّة الفُحُول المصلحين كالقاضي ابن العربيِّ والحافظ ابن عبد البرّ وأبي إسحاق الشَّاطبي وشيخ الإسلام ابن تيميَّة وتلميذه ابن القيِّم وغيرهم ، فقوَّى فيه ذلك النَّزعةَ السَّلفيَّة وزاده صلابةُ فيها ، وفي الدَّعوة إليها ، وهو القائل : " وإنَّ هذه الفئة الَّتي رجعت من الحجاز بالهَدْي المحمَّدي الكامل ، قد تأثّرت بالإصلاح تأثّرًا مُبَاشِرًا ، مُسْتَمْدًّا قُوَّتَهُ وحَرَارَتَهُ مِنْ كلام اللهِ وسُنَّةْ رسولِهِ مُبَاشَرَةٌ ، ولم تكن قطُّ مُتَأثّرَةً بحالٍ غالبةٍ في الحجاز ، فلم يكن الإصلاح في ذلك الوقت شأنٌ يُذكر في الحجاز إلاَّ في مجالس محدودةٍ وعند علماء معدودين " [ السجلّ (ص:42)]
وهذا الإمامُ ابن باديس رحمه الله يُؤكِّدُ كلامَ الإبراهيميِّ ، إذْ لـمَّا صار ينعتُّهُ أعداءُ السَّلفيَّة الَّتي أعلنَ بها بأنَّه عَبْدَويٌّ وهَّابيٌّ ، وقال : إنَّه لم يقرأ كتابًا واحدًا لابن عبدّ الوهَّاب ، وقال تحت عنوان : "الدَّعوة الإصلاحيَّة هنا وهنالك" : " ... لم يَزَلْ في هذه الأمَّةِ في جميع أعصارها وأمصارها مَن يُجاهِدُ في سبيل إحيْاءِ السُّنَّة وإمَاتَةِ البدعة بكُلِّ ما أُوتِـيَ مِنْ قُدْرَةٍ ، وَلَـمَّا كانت كلُّ بدعة ضلالة محْدَثةٌ لا أصْلَ لها في الكتاب والسُّنَّة ، كان هؤلاء المجاهدون كلُّهُم : (يَدعون النَّاس إلى الرُّجُوعِ في دينهم إلى الكتاب والسُّنَّة وإلى ما كان عليه أهلُ القرون الثَّلاثة خير هذه الأمَّة الَّذين هُمْ أَفْقَهُ النَّاس فيها ، وأَشَدُّهُمْ تَمَسُّكًا بِهِمَا) ، هذه الكلمات القليلةَ المحصورة بين هلالين هي ما تدعو إليه هذه الصحيفة أي – صحيفة الشِّهاب – منذُ نشأتِها ويُجاهِدُ فيه المصلحُون مِنْ أنْصَارِهَا ... وهي ما كان يدعو إليه الشَّيخ محمَّد بن عبد الوهَّاب رحمه الله ، وهي ما كان يَدعو إليه جميع المصلحين في العالم الإسلامي قبلهم ، وإنَّما عرف النَّاسُ هؤلاء وخصَصْنَاهُمْ لَهُمْ بالذِّكْرِ للمُعَاصَرةِ وقُرْبِ العَهْدِ وشُهْرَةِ الدَّعْوَةِ
الكتابُ واحد ، والسُّنَّة واحدة ، والغاية – وهي الرّجوع إليهما – واحدةٌ ، فبالضّرورة تكونُ الدّعوة واحدة ، بلا حاجةٍ إلى تعارف ولا ارتباط ، إن تباعدت الأعصار والأمصار.
هذه الحقيقة يَتَعَامَى الـمُبْدِعُونِ ذَوُو الأغراض عنها ، فَيُصَوِّرُونَ مِنْ خَيَالاتهم أشْبَاحًا وَهْمِيَّة للدَّعوة الإصلاحيَّة الدّينيَّة الـمَحْضَةِ الَّتي نقومُ بها فيقولون ... (وهَّابيَّة) ، ويقولون ... وهم في الجميع مُتَقَوِّلُونَ ، يقول الـمُتَقَوِّلُونَ على هذه الدَّعوة على ظهور حقيقتها ووُضوح طريقتها ويخصِّصون أتباع الشَّيخ ابن عبد الوهاب ، بالقِسْط الكبير " إ.هــ
وقال في موضع آخر : " إنَّ الغاية الَّتي رمى إليها ابن عبد الوهَّاب ، وسعى إليها أتباعه ، هي الَّتي لازال يَسعَى إليها الأئمَّةُ المجدِّدون ، والعلماء المصلحون في جميع الأزمان ، فلهَا أَلَّفَ أبو بكر ابن العربيِّ العواصم من القواصم ... وأَلَّفَ الإمام الشَّاطبيّْ الاعتصام ... وغيرهم مِن الأئمَّة وكتبهم كثير .... " "آثار ابن باديس" (5/33)
ولـمَّا زعم بعض أهل السِّياسة المغرضين بأنَّ جمعيَّة ابن باديس تنشر المذهب الوهَّابيِّ ، ردّ عليهم بقوله : " أَفَتَعُدُّ الدّعوة إلى الكتاب والسّنَّة وما كان عليه سلفُ الأمّة وطرْحَ البِدع والضّلالات واجتناب الـمُرْدِيَات والـمُهلكات نَشْرًا للوهَّابيَّة ؟... فأئمَّة الإسلام كلُّهم وهَّابيُّون ؟ ما ضَرَّنا إذا دعونَا إلى ما دعا إليه جميعُ أئمَّة الإسلام ؟ ... " "آثار ابن باديس (5/282-283)
وبإختصار عبارةٍ ، قال ابنُ باديس على لسان النُّخبة الجزائريَّة : " 2 ...نحنُ والإصلاح الدّيني :ليس لنا إمامٌ في هذا السبيل إلاَّ القرآن والسّنَّة وسيرة السَّلف الصَّالح ، وليست لنا غاية إلاَّ تصحيح العقائد ، وتهذيب الأخلاق ، وتقويم الأعمال ، وتنزيه الدّين عمَّا أَحْدَثَهُ فيه الـمُحْدثُون ، وليس لنا دَاعٍ يَدْعُونَا إلى هذا إلاَّ الشُّعُورُ بواجبِ النُّصحِ ، ومحبَّة الخير لإخواننا المسلمين الجزائريِّين ، ذلك الشُّعُور وتلك المحبَّة اللَّذان لم يزالا يَحْمِلاَنِ أمثالَنا في جميعِ الأُمَمِ على سُلوكِ مثلِ هذا السَّبيل ، إنَّنَا نسعَى إلى الإصلاح الدّيني في خصوص الأمَّة الجزائريَّة الَّتي نحن منها دون غيرها من الأمم الغنيَّة برجالها عنَّا ، وبدون أن تكون لنا أدنى علاقة خاصَّة بأيِّ أُمَّةٍ أخرى ، فأعمالُنا في هذا السَّبيل كلُّهَا مِنَّا ولَنَا ... (النُّخبة) " إ.هـ "الشِّهاب" ، العدد (12) ، (ص:4-5)
وآخرُ ما أَخْتِمُ به هذه الفقرة ما قال الشَّيخ ابن باديس : " الإصلاحيّون والسّلفيون عامٌ ، والوهَّابيون خاصٌ ، لأنهُ يُطلق على خصوص مَن اهتدَوْا بدعوة العلامة الإصلاحي السَّلفي الشَّيخ ابن عبد الوهَّاب ... وليعلم النَاقمون على السَّلفيَّة النَاظرُون إليها نظرَ السَّاخِطين ، ليعلمُوا أنَّ السَّلفيَّة هي المرجعيَّة الدِّينيَّة للجزائريِّين ، وهي الدَّعوةُ الأصليةُ في هذه الدِّيار ، لا كما يُحَاوِلُهُ مَنْ يَطْمِسُ الحَقَائقَ ويَعْمَى ويَصِمُّ عن الدَّلائل وَيولِّيها ظَهْرَهُ ، فيزعُمُ بأنَّها وافِدٌ دخيلٌ وجسمٌ غريبٌ في الأمَّة الجزائريَّة وخطرٌ دَاهَمَ ديارنَا وغَزْوٌ حَلَّ مَحلَّ أَصالتِنَا ! ... لا والله ! إذا كان هؤلاء يُرَدِّدُون في كلِّ مَناسبةٍ وبلا مُناسبةٍ أنَّهم لا يُريدون إلاَّ مذهبَ الإمام مالكٍ والطَّريقة المالكيَّة ، فإننا نقولُ لهم هاتُوا لنا مذهبَ الإمام مالكٍ ، فلا نجِدَهُ إلاَّ إمَامًا في السَّلفيَّة الحَقَّة ومَتْبُوعًا مِن كبار المتبُوعين في هذه الطَّريقةِ الشَريفةِ ، ولْنَعْرِضْ بَعْدُ مَن كان صادق الاتباعِ صحيحَ النِّسبةِ إلى هذا الإمام ، ممّن يَتمَوَّهُ بالنِّسبة إليه ، ومَنْ يُغطِّي انحرافَهُ عنِ السُّنَّةِ بالانتِماء إلى إمامِ السُّنَّة ....
سمير سمراد
إمام مدرس - الجزائر العاصمة
[المقال نُشر في جريدة الشروق ليوم الثلاثاء 22 جانفي 2013م الموافق لــ : 10 ربيع الأول 1434هــ / العدد : (3903)]
بقلم : الشَّيخ السَّلفي-خادم العلم- : الأُستاذ سمير سمراد – حفظه الله