السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عسى كل أيامكم خير وسرور ،،،
أقدم لكم اليوم شاعرا يندر ألا يعرفه أحد منا ،،،
ويعود اختياري له لأنه كان ظاهرة شعرية بكل ما قدم للأدب العربي الحديث .
تعالوا لنتعرف إلى أحمد شوقي عن قرب ،
ولأصارحكم أن هناك الكثير من المعلومات عرفتها حين اشتغلت على موضوعه لم أكن أعرفها سابقا عنه ..
أمير الشعراء *** أحمد شوقي 1868 - 1932 م
ولد أحمد علي محمد شوقي في 16 أكتوبر عام 1868 بحي الحنفي بالقاهرة ،
لأب ذي أصول كردية من مدينة السليمانية العراقية
وأمه تركية الأصل
وكانت جدته لأبيه شركسية
وجدته لأمه يونانية ، تولت الأخيرة تربيته إذ إنها كانت على قدر من الغنى والثراء لا بأس به ،
كما إنها كانت تعمل وصيفة في بلاط الخديوي اسماعيل فأتاح لها ذلك أن تُنَشِئَ حفيدها في قصر الخديوي .
ما أن بلغ الرابعة حتى ألحقته بالكُتّاب فتعلم القراءة والكتابة وحفظ قسما من كتاب الله تعالى ،
ثم التحق بالمدرسة الابتدائية وأظهر نبوغا في تلقي الدروس .
انخرط عام 1885 بمدرسة الحقوق وانضم إلى قسم الترجمة الذي كان حديث النشأة فيها ،
ولأنه كان شاعرا مفوها منذ بداياته فقد تنبه أساتذته لهذه الموهبة ومنهم محمد البسيوني
فتوسم فيه مشروع شاعر عظيم .
وسرعان ما صدق حدسه ..
بعد تخرجه من مدرسة الحقوق أرسله الخديوي توفيق وعلى نفقته الخاصة لاستكمال دراسة الحقوق والآداب في فرنسا بجامعة مونبيليه وباريس
وأقام هناك ثلاث سنوات .
لقد أثرت تلك الرحلة على أفكار شاعرنا وآرائه السياسية
فنجده أسهم مع زملائه في البعثة بتشكيل جمعية التقدم المصري
والتي كانت تمثل شكلا من أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال البريطاني لمصر ،
ومن خلال هذه الجمعية تعرف على الزعيم مصطفى كامل وقامت بينهما عرى صداقة وطيدة ..
لم تستطع التيارات الادبية والفكرية في فرنسا أن تأخذ أحمد شوقي لبحرها ،
إذ لم يستطع شعراء فرنسا المشهورون في حينها أن يجتذبوه بل ظل وفيا للشعر العربي منتميا لشعراء أمة العرب
أمثال المتنبي .
عاد شوقي عام 1893 م بشهادة في الحقوق حاملا معه حنينا لتراب وطنه وأهله وسمائه ومائه
كيف لا ومصر أمه التي لا ينتمي لسواها ..
استقبله الخديوي عباس الثاني بالترحاب وعينه في (بالقلم الافرنجي بالديوان الخديوي)
ثم أرسله عام 1896 لينوب عن حكومته في حضور مؤتمر المستشرقين في مدينة جنيف السويسرية ،
وفي هذا المؤتمر القى شوقي قصيدة (كبار الحوادث في وادي النيل)
وبدا نجمه في الصعود ..
توثقت صلة أمير الشعراء بالقصر في زمن الخديوي عباس الثاني حيث أصبح يعبر في شعره المملوء مديحا
للحاكم عن سياسة ذلك الحاكم
ويعود ولاؤه إلى أن شوقي كان يرى فيه ولي نعمته ،
هذا من جهة ومن جهة أخرى رسوخ فكرة أن الخلافة العثمانية خلافة اسلامية واجب الدفاع عنها ضد أطماع البريطانيين المعتدين
فأظهر كرهه للانكليز ومخططاتهم بشكل جلي خاصة بعد أن قاموا بخلع عباس عن الحكم
والمجيء بالسلطان حسين كامل بدلا منه
فأبدى سخطه وألمه مما حدث شعرا ،
فما كان من الانكليز إلا أن نفوه عام 1915 إلى اسبانيا
وبقي فيها طيلة الحرب العالمية الاولى ،
ومكنته تلك الغربة من التعرف على آثار الحضارة العربية في بلاد استوطنها العرب المسلمون ردحا من الزمان
وقد تركوا فيها بصمات لا تمحى ..
نلاحظ أن توجهات شعر شوقي في هذه الفترة قد اختلفت فبعد المديح والتغني بأفعال أُلي الامر أصبحت قصائده تعبر عن معاناة الشعب المصري وسعيه لنيل الحرية ،
كما كان يبث من خلال نظمه الجميل أحزانه التي نشأت جراء النفي والطرد من بلده ..
انتهت الحرب العالمية الاولى وعقد الصلح بين المتحاربين وهنا فقط تمكن أحمد شوقي من الرجوع لمصر (1920) ،
واستقبل من قبل أبناء الشعب المصري استقبال الابطال المنتصرين
وبعودته بدأت مرحلة جديدة من حياته الشعرية قامت على اساس ،
حمل هموم الشعب والتقرب منهم بالغوص في قضاياهم المصيرية
بل اعتبر نفسه شاعر الشعب والعروبة والاسلام
مما دفع شعراء مصر والعرب إلى مبايعته في حفل كبير أقيم في دار الاوبرا المصرية سنة 1927م أميرا للشعراء العرب
دعي اليه اعلام الفكر في العالم العربي تحت رئاسة سعد زغلول ،
فبايع الشاعر حافظ ابراهيم (شاعر النيل) شوقي قائلاً :
امير القوافي قد اتيت مبايعاً
وهذي وفود الشرق بايعت معي
وبايعه ايضاً شاعر القطرين خليل مطران قائلاً :
ياباعث المجد القديم بشعره
ومجدد العربية العرباء
انت الامير ومن يكنه بالحجى
فله به تيه على الامراء ..
*تزوج احمد شوقي من السيدة خديجة شاهين التي أحبت شاعرنا حبا جنونيا صامتا وانجبت له حسين وعلي وأمينة التي كانت الأقرب لنفس أبيها وقد ماتوا جميعاً ولم يبق من احفاده غير احمد شوقي بن علي ونعمة رياض وتعيش في القاهرة وامينة مؤنس وتعيش في باريس
أما أوصافه فيقال : أنه كان اميل الى القصر منه الى الطول ،
ممتلئاً مستدير الرأس مرتفع الجبهة كثف الحاجبين وسيم الطلعة
في عينيه اختلاج وتألق ..
ميزات شعره :
منح الله شوقي موهبة شعرية فذة، وبديهة سيالة ،
لا يجد عناء في نظم القصيدة، فدائمًا كانت المعاني تنثال عليه انثيالاً
وكأنها المطر الهطول،
يغمغم بالشعر ماشيًا أو جالسًا بين أصحابه، حاضرًا بينهم بشخصه غائبًا عنهم بفكره؛
ولهذا كان من أخصب شعراء العربية؛
إذ بلغ نتاجه الشعري ما يتجاوز ثلاثة وعشرين ألف بيت وخمسمائة بيت،
ولعل هذا الرقم لم يبلغه شاعر عربي قديم أو حديث ،
ويجد الكثيرون من المختصين في ميدان الشعر العربي ونقده وتحليله أن أحمد شوقي وريث المتنبي في الحكمة .
كما أنه عبر في شعره عن كل المعاني الانسانية
من مديح ورثاء والأناشيد والحكايات
والوطنية والدين والحكمه والتعليم
والسياسة والمسرح والوصف والاجتماع وأغراض عامة .
يعتبر أحمد شوقي من الشعراء المجددين في ميدان الشعر العربي
إذ ساعدته على ذلك ثقافته العربية واطلاعه على ثقافات الأمم الأخرى
من خلال سفراته إلى بلاد الشرق والغرب ،
فإذا بأسلوبه الشعري يتجسد في الاعتناء بالإطار وبعض الصور
وافكاره التي يتناولها ويستوحيها من الاحداث السياسية والاجتماعية،
وأهم ما جاء في المراثي
وعرف عنه المغالاة في تصوير الفواجع مع قلة عاطفة وقلة حزن، ،
أضف لذلك كله تأثره بأسلوب الشعراء العرب القدامى فقلدهم في نظم بعضا من قصائده
وخاصة تلك التي تبثنا غزله .
وإنه من الشعراء الذين يملكون خيالاً خصباً وروعة أبتكار
ودقة في الطرح وبلاغة في الايجاز
وقوة احساس وصدق في العاطفة
وعمق في المشاعر .
لم تكن ابداعات شوقي تعتمد على الموهبة الفياضة وحدها
بل نماها وطورها من خلال اطلاعه ونكبابه على قراءة الشعر العربي
في عصور ازدهاره، وصحِب كبار شعرائه، وأدام النظر في مطالعة كتب اللغة والأدب،
وكان ذا حافظة لاقطة لا تجد عناء في استظهار ما تقرأ؛
حتى قيل بأنه كان يحفظ أبوابًا كاملة من بعض المعاجم .
وأُغرِم بالتاريخ يشهد على ذلك قصائده التي لا تخلو من إشارات تاريخية
لا يعرفها إلا المتعمقون في دراسة التاريخ،
وتدل رائعته الكبرى "كبار الحوادث في وادي النيل" التي نظمها وهو في شرخ الشباب على تبصره بالتاريخ قديمه وحديثه .
امتاز شاعرنا كونه يمتلك حس لغوي مرهف وفطرة موسيقية بارعة في اختيار الألفاظ التي تتألف مع بعضها
لتحدث النغم الذي يثير الطرب ويجذب الأسماع،
فجاء شعره لحنًا صافيًا ونغمًا رائعًا
لم تعرفه العربية إلا لقلة قليلة من فحول الشعراء ...
ترك لنا ديوانا ضخماً عرف
بديوان (الشوقيات)
وهو يقع في أربعة أجزاء
الأول ضم قصائد الشاعر في القرن التاسع عشر والمقدمة وسيرة لحياته. وقد تم إعادة طبعه 1925 م،
واقتصر على السياسة والتاريخ والاجتماع
والجزء الثاني طبعه 1930م، أي بعد خمس سنوات
واشتملت قصائده على الوصف ومتفرقات في التاريخ والسياسة والاجتماع.
والجزء الثالث طبع بعد وفاة الشاعر في عام 1936 م،
وضم الرثاء.
وظهر الجزء الرابع عام 1943 م،
ضم عدة أغراض وأبرزها التعليم،
يرجع لأحمد شوقي الفضل في استحداث ما يعرف بالشعر المسرحي في مضمار الادب العربي ،
فهو أول من نظم المسرحية الشعرية إذ كتب
مصرع كليوباترا 1929 م ،
ممجنون ليلى 1931 م ،
قنبيز 1931 م
الست هدى ،
علي بك الكبير ،
عنترة ،
البخيلة ،
شريعة الغاب ،
أميرة الاندلس .
كما للشاعر مطولة شعرية حواها كتاب (دول العرب وعظماء الإسلام)،
تحتوي فصلاً كاملاً عن السيرة النبوية العطرة
وقد تم طبع المطولة بعد وفاة شوقي
وأغلب هذه المطولة عبارة عن اراجيز تاريخية من تاريخ العهود الإسلامية الأولى وإلى عهد الدولة الفاطمية .
وله محاولات في كتابة الرواية التاريخية يعود ذلك لبدايات حياته الادبية
فكتب
"عذراء الهند 1897" ،
ورواية "لادياس" ،
"الفرعون الاخير" ،
"رقة الآس"،
و"أسواق الذهب"، وقد حاكى فيه كتاب "أطواق الذهب" للزمخشري، وما يشيع فيه من وعظ في عبارات مسجوعة .