الســـــــــلام عليكم
كنتُ في السابعة من العمر عندما أدركت أنّي مختلفة !
لم
أكن أشبه أحداً من أطفال القرية الذين أراهم يقضون يومهم بين اللعب
والتسكع ..المتعة في عالمي كانت محرّمة.تعلّمت وفي سن مبكرة العيش وسط
قوانين لم أكن أرى داعٍ لها، لم أكن أفهم مغزاها..لكنّي علِمت -وبأصعب
الطرق- أنّي مجبرة على إطاعتها.في منزلي، كان على المرء أن يكون متيقظاً
طوال الوقت، العمل في صمت تام كان ينتهي عادة إلى النجاة والنوم بهدوء دون
أوجاع. في منزلي،عرفت معاني الخوف وأيقنت أنّه كلّ ما عليّ الإحساس به
لتجنّب العذاب..
أكن أشبه أحداً من أطفال القرية الذين أراهم يقضون يومهم بين اللعب
والتسكع ..المتعة في عالمي كانت محرّمة.تعلّمت وفي سن مبكرة العيش وسط
قوانين لم أكن أرى داعٍ لها، لم أكن أفهم مغزاها..لكنّي علِمت -وبأصعب
الطرق- أنّي مجبرة على إطاعتها.في منزلي، كان على المرء أن يكون متيقظاً
طوال الوقت، العمل في صمت تام كان ينتهي عادة إلى النجاة والنوم بهدوء دون
أوجاع. في منزلي،عرفت معاني الخوف وأيقنت أنّه كلّ ما عليّ الإحساس به
لتجنّب العذاب..
هو..كان كلّ ما أخشاه !
لفظ
اسمه كان صعباً..لفظ اسم أبي لم يكن مسموحاً، لم يكن هذا قانوناً في بيتي
ولكنّي تعلّمته ضمنياً.أبي كان كلّ شيء..كان كلّ من يستحق أن يُرى، يُسمع
ويُطاع .جميع من في منزلي وُجِدوا ليمجّدوا ويشكروا جهده في إطعام
أفواهنا،في تعظيم هذا الكيان الذكوري القوي الذي يحول دون تشردنا،جوعنا و
ذلّنا.
اسمه كان صعباً..لفظ اسم أبي لم يكن مسموحاً، لم يكن هذا قانوناً في بيتي
ولكنّي تعلّمته ضمنياً.أبي كان كلّ شيء..كان كلّ من يستحق أن يُرى، يُسمع
ويُطاع .جميع من في منزلي وُجِدوا ليمجّدوا ويشكروا جهده في إطعام
أفواهنا،في تعظيم هذا الكيان الذكوري القوي الذي يحول دون تشردنا،جوعنا و
ذلّنا.
لطالما أسمعتني
أمّي تلك العبارات،المال هو ما نحتاجه لنعيش..لقد حفظت ما يتوجب عليّ
الإيمان به غيباً رغم عدم ارتيادي المدرسة..هو قانون أبي : لا يجب على
الفتاة أن تتعلّم !
أمّي تلك العبارات،المال هو ما نحتاجه لنعيش..لقد حفظت ما يتوجب عليّ
الإيمان به غيباً رغم عدم ارتيادي المدرسة..هو قانون أبي : لا يجب على
الفتاة أن تتعلّم !
حياتي
وسط ما كان يشبه الأسرة المتماسكة كانت العمل الدؤوب لجعل المنزل قصر
والدي، توفير الراحة لجسده الثمين المتعب حين عودته إلى الدار محمّلا برغيف
الخبز البارد وحزمة الخضراوات التالفة، كان أهم من حياتي نفسها ..
وسط ما كان يشبه الأسرة المتماسكة كانت العمل الدؤوب لجعل المنزل قصر
والدي، توفير الراحة لجسده الثمين المتعب حين عودته إلى الدار محمّلا برغيف
الخبز البارد وحزمة الخضراوات التالفة، كان أهم من حياتي نفسها ..
لم
أكن أراني ألتف إلى شيء أو أفكر في شيء طوال سويعات أيامي التي تكتحل أكثر
فأكثر كلّما صفق الباب برجله وولج الدّار عشيّة..التحلّق حول طاولة الطعام
كان أصعب جزء : صمتٌ تام كان يجوب غرفة المعيشة بعد أن يستقر جسد أبي على
الكرسي، لم تكن لنار المدفأة العتيقة في الزاوية الشمالية قدرة يوماً على
تهدئة أعصابي التي تتجلّد بمجرد كونه قريبا منّي.لا يقترب والدي منّي في
اليوم سوى مرّة.. وقت أكل ما أطهوه وأمّي.ولكن قد يفعلها ثانية ويدنو منّي
إذا ما خالفت أحد قوانينه حينها لن يكون قطعاً وقت الأكل..بل زمن الترويض !!
أكن أراني ألتف إلى شيء أو أفكر في شيء طوال سويعات أيامي التي تكتحل أكثر
فأكثر كلّما صفق الباب برجله وولج الدّار عشيّة..التحلّق حول طاولة الطعام
كان أصعب جزء : صمتٌ تام كان يجوب غرفة المعيشة بعد أن يستقر جسد أبي على
الكرسي، لم تكن لنار المدفأة العتيقة في الزاوية الشمالية قدرة يوماً على
تهدئة أعصابي التي تتجلّد بمجرد كونه قريبا منّي.لا يقترب والدي منّي في
اليوم سوى مرّة.. وقت أكل ما أطهوه وأمّي.ولكن قد يفعلها ثانية ويدنو منّي
إذا ما خالفت أحد قوانينه حينها لن يكون قطعاً وقت الأكل..بل زمن الترويض !!
محرّم
أن يمد أحد يده إلى الطبق قبله،محرّم أن يُصدر أحد صوت بلع أو مضغ سواه:
لا يجب أن يتجشأ شخص عداه.عندما يضع أبي ملعقته فعلى الجميع أن يتوقفوا عن
الأكل حتّى وإن لم يشبعوا..
أن يمد أحد يده إلى الطبق قبله،محرّم أن يُصدر أحد صوت بلع أو مضغ سواه:
لا يجب أن يتجشأ شخص عداه.عندما يضع أبي ملعقته فعلى الجميع أن يتوقفوا عن
الأكل حتّى وإن لم يشبعوا..
طاولة
الأكل في منزلي مجرّد أربعة صحون: الصحن الأكبر لربّ العائلة وفيه حصة
الأسد وثلاث أخرى لي،لوالدتي وأختي الصغرى(جنى)..صدقاً، لم أرى يوماً صحني
ممتلئاً ولكنّي كنت أرى خلسة طبقه عامراً على الدوام ..هو قانون آخر لأبي:
من يعمل أكثر يأكل أكثر.
الأكل في منزلي مجرّد أربعة صحون: الصحن الأكبر لربّ العائلة وفيه حصة
الأسد وثلاث أخرى لي،لوالدتي وأختي الصغرى(جنى)..صدقاً، لم أرى يوماً صحني
ممتلئاً ولكنّي كنت أرى خلسة طبقه عامراً على الدوام ..هو قانون آخر لأبي:
من يعمل أكثر يأكل أكثر.
في
عالمي،كان ممنوعٌ إصدار صوت مزعج في حضرة ربّ العائلة، رفع الأطباق من
أمام أبي ثمّ غسلها في المطبخ الصغير المجاور كان صامتاً: كنت أبذل مجهوداً
يساوي المحال في عدم جعل الملاعق تصطك أو الصحون تحتك..
عالمي،كان ممنوعٌ إصدار صوت مزعج في حضرة ربّ العائلة، رفع الأطباق من
أمام أبي ثمّ غسلها في المطبخ الصغير المجاور كان صامتاً: كنت أبذل مجهوداً
يساوي المحال في عدم جعل الملاعق تصطك أو الصحون تحتك..
في
عالمي، الفترة الممتدة من الخامسة مساءاً وحتّى التاسعة ليلا - وهو وقت
تواجد أبي صاحياً- كانت فترة لحبس الأنفاس والتيقظ إلى آخر درجة..فالخطأ
يعني عادة شد الشعر،الصفع،أو الركل. الجلد بالسوط كعقوبة متقدمة كانت عندي
أرحم من تلك التي يعتبرها والدي أنجع وسيلة للتهذيب: جعلي أخفف ثيابي قدر
المستطاع ثمّ الخروج بي ليلا إلى المستودع القريب وجعلي أنام هناك وسط
البرد القارس وزمجرات وحوش الغابة..
عالمي، الفترة الممتدة من الخامسة مساءاً وحتّى التاسعة ليلا - وهو وقت
تواجد أبي صاحياً- كانت فترة لحبس الأنفاس والتيقظ إلى آخر درجة..فالخطأ
يعني عادة شد الشعر،الصفع،أو الركل. الجلد بالسوط كعقوبة متقدمة كانت عندي
أرحم من تلك التي يعتبرها والدي أنجع وسيلة للتهذيب: جعلي أخفف ثيابي قدر
المستطاع ثمّ الخروج بي ليلا إلى المستودع القريب وجعلي أنام هناك وسط
البرد القارس وزمجرات وحوش الغابة..
ألفت الكدمات على وجهي وسائر جسدي مع مرور الزمن،أختى (جنى) كانت تملك حق تخفيض العقوبات كونها كسيحة لا تستطيع المشي، أحياناً كنت أغبطها على عجزها !!
أعتقد أنّ أبي كان يملك بعض الرحمة في قلبه،أظن ذلك !
كان يصفعها مراراً في موطن كان يجلدني فيه على نفس الخطأ.أظنه كان يشعر
بالذنب كونه من تسبّب لها بتلك الإعاقة الحركية : لقد أخضعها لتدريب الطاعة
الكاملة عندما كانت في سن الثالثة، قضت (جنى) ليلة شتاء باردة في المستودع
مما تسبب لها في حمى قوية أدّت إلى شلل أطرافها السفلية.لم يأخذها إلى
طبيب القرية !! قانون أساسي لأبي الحنون : النساء لا يجب أن يذهبن إلى الطبيب..
كان يصفعها مراراً في موطن كان يجلدني فيه على نفس الخطأ.أظنه كان يشعر
بالذنب كونه من تسبّب لها بتلك الإعاقة الحركية : لقد أخضعها لتدريب الطاعة
الكاملة عندما كانت في سن الثالثة، قضت (جنى) ليلة شتاء باردة في المستودع
مما تسبب لها في حمى قوية أدّت إلى شلل أطرافها السفلية.لم يأخذها إلى
طبيب القرية !! قانون أساسي لأبي الحنون : النساء لا يجب أن يذهبن إلى الطبيب..
أميّ..كانت
دائما تأخذ النصيب الأكبر من الإهانة لكنّي لم أرها يوماً تشتكي.في منزلي،
محرّم التعبير عن المشاعر بصوت مرتفع.الواقعية والخوف من الأذى هو كلّ ما
على المرء أن يتحلّى به.لطالما استيقظتُ صباحاً بعد ليلة شهدت تعنيف أبي
جسد أمي، لأجدها ملطخة بالكدمات..لم أجرأ يوماً على سؤالها عن حالها.كانت
هي تبتسم وفقط كأنّها تمرر تلك اللحظة التي كان من المفروض أن تعبر لي فيها عمّا يخالجها من حزن وقهر لتنتقل مباشرة إلى اللحظة التالية والتي تكون فيها قد أفرغت كلّ ما في قلبها لتبدأ مشوار أعمال المنزل التي تنتظرها.
دائما تأخذ النصيب الأكبر من الإهانة لكنّي لم أرها يوماً تشتكي.في منزلي،
محرّم التعبير عن المشاعر بصوت مرتفع.الواقعية والخوف من الأذى هو كلّ ما
على المرء أن يتحلّى به.لطالما استيقظتُ صباحاً بعد ليلة شهدت تعنيف أبي
جسد أمي، لأجدها ملطخة بالكدمات..لم أجرأ يوماً على سؤالها عن حالها.كانت
هي تبتسم وفقط كأنّها تمرر تلك اللحظة التي كان من المفروض أن تعبر لي فيها عمّا يخالجها من حزن وقهر لتنتقل مباشرة إلى اللحظة التالية والتي تكون فيها قد أفرغت كلّ ما في قلبها لتبدأ مشوار أعمال المنزل التي تنتظرها.
استسلمت
أمّي له منذ وقت طويل.أحياناً كنت أخالها تحب كسره كلّ كرامتها..كأنّما
كانت تعذب نفسها بعد أن أخفقت في تزويده بصبي ذكر يعيل الأسرة صاحبة الفاه
المفتوح.فقدت الأمل في عودة كيان أمّي بعد أن صارت تخشاه في غيابه..صارت
تحرمني لحظات أختلي فيها بنفسي .بات كل ما يصدر عنها هو: والدك لا يحب
هذا..والدك ينزعج من هذا..والدك ..ووالدك..ووالدك !!
أمّي له منذ وقت طويل.أحياناً كنت أخالها تحب كسره كلّ كرامتها..كأنّما
كانت تعذب نفسها بعد أن أخفقت في تزويده بصبي ذكر يعيل الأسرة صاحبة الفاه
المفتوح.فقدت الأمل في عودة كيان أمّي بعد أن صارت تخشاه في غيابه..صارت
تحرمني لحظات أختلي فيها بنفسي .بات كل ما يصدر عنها هو: والدك لا يحب
هذا..والدك ينزعج من هذا..والدك ..ووالدك..ووالدك !!
خسرت شيئا من آدميتي مع مرور السنوات !
لم
أتعرّف أحداً آخر غير الشبح الذي يسكن أحشائي،أمّي التي باتت تشبه الموتى
وأختى المعاقة صاحبة العشرة ربيعاً.في دستور والدي: ممنوع زيارة الأقارب،
ممنوع الاختلاط بسكان القرية أو حتى إلقاء السلام عليهم ..في دستور والدي:
البيت هو كلّ ما على المرأة أن تعرفه..
أتعرّف أحداً آخر غير الشبح الذي يسكن أحشائي،أمّي التي باتت تشبه الموتى
وأختى المعاقة صاحبة العشرة ربيعاً.في دستور والدي: ممنوع زيارة الأقارب،
ممنوع الاختلاط بسكان القرية أو حتى إلقاء السلام عليهم ..في دستور والدي:
البيت هو كلّ ما على المرأة أن تعرفه..
أنا
الآن في الرابع عشرة من العمر، أصبحت يانعة رغم قلة أكلي ونومي .لكنّ
داخلي استمر في الجمود ورفض الكِبر الذي كان يعني زيادة المسؤوليات
..وزيادة القوانين !!
الآن في الرابع عشرة من العمر، أصبحت يانعة رغم قلة أكلي ونومي .لكنّ
داخلي استمر في الجمود ورفض الكِبر الذي كان يعني زيادة المسؤوليات
..وزيادة القوانين !!
لم أكن أشعر بالراحة والحرية طوال سنوات حياتي إلا وقت نومه..كان ذلك يشبه إلى حد كبير موته !!
كنت
أطلق العنان إلى مشاعري السجينة وتلك الخيالات التي تطرق عقلي.كنت أرى
نفسي فراشة متألقة تهيم وسط بساتين الزهر..تأكل ما تشاء من رحيق الرياحين
وتنظر إلى العالم من مكان لا يستطيع أحد أن يمسكها فيه . لم أُجِد الكتابة
لكنّي أجدت الرسم على أوراق كراسة التقطتها يوما خلسة بعد أن أوقعها أحد
الأولاد العائدين من المدرسة.كنت أمزق كلّ ورقة أرسمها ثم أخفيها وسط تجويف
ضمن شجرة البلوط شبه الملاصقة لمنزلي. كنت أظن أنّ أحداً ما سيراها ويعرف
بمعاناتي، كنت أظنه سيشفق عليّ ويواسيني بمجرّد النظر إليها...كنت بعبارة
أخرى، أشكي غريباً حال نفسي !!
أطلق العنان إلى مشاعري السجينة وتلك الخيالات التي تطرق عقلي.كنت أرى
نفسي فراشة متألقة تهيم وسط بساتين الزهر..تأكل ما تشاء من رحيق الرياحين
وتنظر إلى العالم من مكان لا يستطيع أحد أن يمسكها فيه . لم أُجِد الكتابة
لكنّي أجدت الرسم على أوراق كراسة التقطتها يوما خلسة بعد أن أوقعها أحد
الأولاد العائدين من المدرسة.كنت أمزق كلّ ورقة أرسمها ثم أخفيها وسط تجويف
ضمن شجرة البلوط شبه الملاصقة لمنزلي. كنت أظن أنّ أحداً ما سيراها ويعرف
بمعاناتي، كنت أظنه سيشفق عليّ ويواسيني بمجرّد النظر إليها...كنت بعبارة
أخرى، أشكي غريباً حال نفسي !!
البكاء
بعد بزوغ فجر كلّ يوم كان سيكون أنسب شيء أقوم به لكنّه في الواقع لم يكن
خياراً متاحاً لأنّي نسيت معنى أن أبكي..صار قلبي يستحيل صخرة بعد إعلان
أشعة الشمس بداية نهار آخر..
بعد بزوغ فجر كلّ يوم كان سيكون أنسب شيء أقوم به لكنّه في الواقع لم يكن
خياراً متاحاً لأنّي نسيت معنى أن أبكي..صار قلبي يستحيل صخرة بعد إعلان
أشعة الشمس بداية نهار آخر..
نسيت من أنا، لكنّي لم ولن أنسى من هو !!
تكاثرت القوانين كما
الورم حتّى صارت سلاسل تقيّد أنفاسي، قسوة أبي تعاظمت مع تزايد طولي
واتساع جسمي.نظراته الموبخة كانت تلتهمني كلّ يوم على طاولة الأكل..كأنّه
كان يرى فمي قد اتسع كحال بطني.كأنّه يلوم أكلي خبزه الذابل وخضراوته عديمة
الرائحة. لقد كرّست وقتي لجعله يشهد عملي الدؤوب المضني لربّما يسامح
فمي،يغفر لبطني..
الورم حتّى صارت سلاسل تقيّد أنفاسي، قسوة أبي تعاظمت مع تزايد طولي
واتساع جسمي.نظراته الموبخة كانت تلتهمني كلّ يوم على طاولة الأكل..كأنّه
كان يرى فمي قد اتسع كحال بطني.كأنّه يلوم أكلي خبزه الذابل وخضراوته عديمة
الرائحة. لقد كرّست وقتي لجعله يشهد عملي الدؤوب المضني لربّما يسامح
فمي،يغفر لبطني..
أبي صار وحشاً،بركاناً خامدا ينفجر لمجرّد رؤيتي.. لقد صرت أقضي معظم الليالي في المستودع.لم أشهد ومنذ أشهر عقوبة الصفع ! لقد أُلغيت لتحل محلها عقوبة الجلد والنفي..لقد تمّ إلغاء ذكر اسمي في المنزل أيضا.أبي مافتئ يدعوني بـ: أنتِ يا شرهة !
لم
أجد من أمّي سوى البسمات الباكية، لم أجد من أختي الصغيرة سوى نظرات خائفة
فارغة ضائعة تجعلني أودّ حملها والهرب بها بعيدا عن الجحيم..
أجد من أمّي سوى البسمات الباكية، لم أجد من أختي الصغيرة سوى نظرات خائفة
فارغة ضائعة تجعلني أودّ حملها والهرب بها بعيدا عن الجحيم..
بلغت
حدود المستحيل تلك الليلة التي عاد فيها والدي من عمله وحطّ قبالة الدار
كنسر هائج، عاد ليجلد أجنحتي ،يمزّقها للأبد.حمل سوطه بمجرّد أن داست قدماه
عتبة الدار..راح يضربنا جميعنا بكلّ ما أوتي من قوة وما إن سكت عنه الغضب
حتّى قال مخاطباً أميّ ممتعضاً:
حدود المستحيل تلك الليلة التي عاد فيها والدي من عمله وحطّ قبالة الدار
كنسر هائج، عاد ليجلد أجنحتي ،يمزّقها للأبد.حمل سوطه بمجرّد أن داست قدماه
عتبة الدار..راح يضربنا جميعنا بكلّ ما أوتي من قوة وما إن سكت عنه الغضب
حتّى قال مخاطباً أميّ ممتعضاً:
"غداً،ستزف ابنتك الشرهة إلى عمدة القرية! لقد طلبها وأنا أعطيته"
أخفضت أمّي رأسها بخضوع كما
تفعل دائماً،(جنى) ادّعت الإغماء علّه يعتقها أمّا أنا فنظرت إليه دون أن
أشعر.كنت مندهشة إلى درجة جعلت عيناي غير قادرتين على أن تجفلا،رأسي عاجزاً
عن الانحناء له كما كان يفعل.. أبداً.
تفعل دائماً،(جنى) ادّعت الإغماء علّه يعتقها أمّا أنا فنظرت إليه دون أن
أشعر.كنت مندهشة إلى درجة جعلت عيناي غير قادرتين على أن تجفلا،رأسي عاجزاً
عن الانحناء له كما كان يفعل.. أبداً.
إنهال
عليّ ضربا وزجراً ،كان يطفؤ النار التي لا تزال متأججة داخله، ولكن ولأوّل
مرة في حياتي لم أشعر بحرقة السوط فوق لحمي..كلّ ما أحسست به هو عذاب
داخلي..ألم من نوع آخر لا يشبه ما خبِرته من أساليب التعذيب.كنت قد اعتدت
منه -وقتها- أيّ موقف يساويني فيه ببهائم الحضيرة لكنّي لم أكن مستعدة
قطعاً..للزواج وأنا في الرابع عشرة من عمري! للزواج من شيخ طاعن أجبره على
القبول كونه ربّ عمله!!
عليّ ضربا وزجراً ،كان يطفؤ النار التي لا تزال متأججة داخله، ولكن ولأوّل
مرة في حياتي لم أشعر بحرقة السوط فوق لحمي..كلّ ما أحسست به هو عذاب
داخلي..ألم من نوع آخر لا يشبه ما خبِرته من أساليب التعذيب.كنت قد اعتدت
منه -وقتها- أيّ موقف يساويني فيه ببهائم الحضيرة لكنّي لم أكن مستعدة
قطعاً..للزواج وأنا في الرابع عشرة من عمري! للزواج من شيخ طاعن أجبره على
القبول كونه ربّ عمله!!
لم
أشعر بالحرية تلك الليلة رغم علمي بأنّه قد نام وفارق عالم الصحوة.لم أرى
نفسي فراشة، لم أرسم خيالي على ورق بل قضيت سويعات الظلام أفكّر في
الخلاص..
أشعر بالحرية تلك الليلة رغم علمي بأنّه قد نام وفارق عالم الصحوة.لم أرى
نفسي فراشة، لم أرسم خيالي على ورق بل قضيت سويعات الظلام أفكّر في
الخلاص..
موعدي
كان الفجر،لملمت سرابيلي وصررتها بقطعة قماش..خطوت كاللصة صوب باب الدار
وهممت بالرحيل.لم أكن أعلم وجهتي ولكنّي كنت على يقين بأنّي خسرت كلّ
شيء ولم يتبقّى لديّ شيء أخاف فقده..علمت أنّ اللحظة التي مكنته فيها من
السير فوق إنسانيتي كانت اللحظة عينها التي فقدت فيها اسمي،كياني وآدميتي..
كان الفجر،لملمت سرابيلي وصررتها بقطعة قماش..خطوت كاللصة صوب باب الدار
وهممت بالرحيل.لم أكن أعلم وجهتي ولكنّي كنت على يقين بأنّي خسرت كلّ
شيء ولم يتبقّى لديّ شيء أخاف فقده..علمت أنّ اللحظة التي مكنته فيها من
السير فوق إنسانيتي كانت اللحظة عينها التي فقدت فيها اسمي،كياني وآدميتي..
داهمتني
أمّي قبل فراري،كأنّها علمت ما أبغي.لم تنبت ببنت شفة،كلّ ما فعلته هو ضمة
قوية رفقة دموع صامتة بكماء مؤيّدة.فكّت أصابعي،وضعت فوق راحة يدي بضع
دراهم وأقصوصة ورق ثمّ أطلقت سراحي ..
أمّي قبل فراري،كأنّها علمت ما أبغي.لم تنبت ببنت شفة،كلّ ما فعلته هو ضمة
قوية رفقة دموع صامتة بكماء مؤيّدة.فكّت أصابعي،وضعت فوق راحة يدي بضع
دراهم وأقصوصة ورق ثمّ أطلقت سراحي ..
اسمي هو (ميسم)، وتلك كانت بداية حكايتي..
يُتبع،،