لقد اشتهر الصالحون السابقون بحب العبادة ،
والتفاني في أدائها ، مثل : قيام الليل ، وقراءة القرآن ، وحفظه ، فهل
نستطيع نحن جيل هذا العصر القيام ولو بالقليل من هذا ، مع كل الفتن المحيطة
من كل النواحي ؟ .
الحمد لله
يستطيع الواحد منا أن يجتهد في العبادة ينافس أولئك الرجال
بالقيام بما ندبت إليه الشريعة وحثَّ عليه الإسلام ، وينبغي أن تكون عند المسلم همة
يهد بها الجبال ، وقد قيل : ( همة الرجال تقلع الجبال ) .
والصحابة رضي الله عنهم كانوا للأمة خير قدوة في الطاعة والعبادة
، ومع هذا فلم يمنع ذلك مَنْ بعدهم أن يحثوا أنفسهم على منافستهم في العبادة حتى لا
يستأثروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واسمع لواحد منهم واعجب لهذه الهمة العظيمة ،
قال أبو مسلم الخولاني رحمه الله : ( أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا ، كلا
والله ! لنزاحمنهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنهم قد خلَّفوا وراءهم رجالاً !! ) .
وقد كان يقول كلمته هذه عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه
ضربها بيديه وقال ذلك ، فبمثل هذه الهمم يستطيع المسلم أن يقوم بالطاعات والعبادات
، وهو من التنافس المحمود المأمور به في قوله تعالى ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
) .
ولو لم يكن في مقدور المتأخرين القيام بالأعمال الجليلة في
الطاعة والعبادة لما رأينا الله تعالى يحث عباده جميعاً عليها ، ويعدهم بالثواب
الجزيل إن قاموا بها ، ولما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالوصية العظيمة وهي
قوله ( اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ،
وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف
الجامع الصغير ، فهي – إذن – دعوة لنا أن نغتنم حياتنا بالطاعة قبل
أن يفاجئنا الموت ، وأن نغتنم صحتنا قبل العجز والمرض ، فالصحيح يستطيع ما لا
يستطيعه المريض ، وأن نغتنم فراغنا قبل شغلنا بالزوجة والأولاد والأعمال ، وأن
نغتنم شبابنا حيث النشاط والهمة قبل الكبَر والضعف ، وأن نغتنم غنانا بالصدقة
والإنفاق قبل سلب ذلك وعجزنا عنه .
وفي المعاصرين أمثلة مشرقة ، في حياتهم الطاعة والعبادة ، ولا
يخلو عصر من عصور المسلمين – ولله الحمد – من أمثال هؤلاء ، يشحذون الهمم للقيام
بكل ما يحب الله ويرضى من الأقوال والأعمال ، ففي هذه الأمة من المعاصرين من قضى
عمره في ساحات الجهاد حتى قدَّم نفسه رخيصة لربه تعالى واشترى بها الجنة ، ومنهم من
جدَّ واجتهد في العلم منذ أن عقل إلى أن مات ، ومنهم من حافظ على قيام الليل ولم
يعرف عنه تركه لا في سفر ولا في حضر ، ومنهم من بذل أمواله كلها في سبيل الله تعالى
ولم تجب عليه الزكاة في حياته قط ، ومنهم من بذل نفسه للمسلمين يشفع لهذا ويقضي
حاجة ذاك ، ويجيب السائل ويفتي المستفتي ، ويعلم الجاهل ويحث الناس على الخير .
فلن تعدم – أخي – صوراً مشرقة من حياة علمائنا وأئمتنا ومجاهدينا
، وسترى في حياتهم ما يحثك على فعل الطاعة ويجعلك تعلم أنه يوجد مجال للمنافسة مع
المتقدمين ، ونظرة في حياة الأئمة الثلاثة : عبد العزيز بن باز والألباني وابن
عثيمين تجد فيها العلم والتعليم والجد والاجتهاد والبذل والإنفاق والشفاعة والدعوة
، ولا يزال المسلمون يقدمون أروع الأمثلة في جهادهم الكفار في الأرض كلها .
وفي حفظ القرآن نماذج صالحة كثيرة ، فقد حفظ كثيرون القرآن وهم
لم يبلغوا الثامنة من عمرهم ، وقد وجد من حفظ القرآن كاملاً في شهرين ، بل في شهر .
وينبغي على المسلم المحب للقيام بالطاعة والعبادة والراغب
بالتنافس مع من قبله أو مع من عاصره من أهل الهمم أن يحذر من أشياء :
أولها : الغفلة عن الآخرة وما فيها من ثواب جزيل وأجر عظيم ، قال
ابن القيم - رحمه الله – في " بدائع الفوائد " ( ص 98 ) : خراب القلب من الأمن
والغفلة ، وعمارته من الخشية والذكر .
وثانيها : أن يترك التنافس على الدنيا مع أهلها وليدعها لهم
ولتتطلع نفسه لعالي الأمور ، وأن يحذر أن يجعل الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه ، وأن
يجعل المال والمتاع في يده لا في قلبه .
وثالثها : الابتعاد عن التأجيل والتسويف ، وعليه أن يبادر
بالقيام بالأعمال استجابة لأمر الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )
آل عمران/133 وقال ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الحديد/21
.
والله الموفق .
والتفاني في أدائها ، مثل : قيام الليل ، وقراءة القرآن ، وحفظه ، فهل
نستطيع نحن جيل هذا العصر القيام ولو بالقليل من هذا ، مع كل الفتن المحيطة
من كل النواحي ؟ .
الحمد لله
يستطيع الواحد منا أن يجتهد في العبادة ينافس أولئك الرجال
بالقيام بما ندبت إليه الشريعة وحثَّ عليه الإسلام ، وينبغي أن تكون عند المسلم همة
يهد بها الجبال ، وقد قيل : ( همة الرجال تقلع الجبال ) .
والصحابة رضي الله عنهم كانوا للأمة خير قدوة في الطاعة والعبادة
، ومع هذا فلم يمنع ذلك مَنْ بعدهم أن يحثوا أنفسهم على منافستهم في العبادة حتى لا
يستأثروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ، واسمع لواحد منهم واعجب لهذه الهمة العظيمة ،
قال أبو مسلم الخولاني رحمه الله : ( أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا ، كلا
والله ! لنزاحمنهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنهم قد خلَّفوا وراءهم رجالاً !! ) .
وقد كان يقول كلمته هذه عندما كان يقوم الليل فإذا تعبت قدماه
ضربها بيديه وقال ذلك ، فبمثل هذه الهمم يستطيع المسلم أن يقوم بالطاعات والعبادات
، وهو من التنافس المحمود المأمور به في قوله تعالى ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
) .
ولو لم يكن في مقدور المتأخرين القيام بالأعمال الجليلة في
الطاعة والعبادة لما رأينا الله تعالى يحث عباده جميعاً عليها ، ويعدهم بالثواب
الجزيل إن قاموا بها ، ولما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالوصية العظيمة وهي
قوله ( اغتنم خمسا قبل خمس : حياتك قبل موتك ، وصحتك قبل سقمك ، وفراغك قبل شغلك ،
وشبابك قبل هرمك ، وغناك قبل فقرك ) صححه الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف
الجامع الصغير ، فهي – إذن – دعوة لنا أن نغتنم حياتنا بالطاعة قبل
أن يفاجئنا الموت ، وأن نغتنم صحتنا قبل العجز والمرض ، فالصحيح يستطيع ما لا
يستطيعه المريض ، وأن نغتنم فراغنا قبل شغلنا بالزوجة والأولاد والأعمال ، وأن
نغتنم شبابنا حيث النشاط والهمة قبل الكبَر والضعف ، وأن نغتنم غنانا بالصدقة
والإنفاق قبل سلب ذلك وعجزنا عنه .
وفي المعاصرين أمثلة مشرقة ، في حياتهم الطاعة والعبادة ، ولا
يخلو عصر من عصور المسلمين – ولله الحمد – من أمثال هؤلاء ، يشحذون الهمم للقيام
بكل ما يحب الله ويرضى من الأقوال والأعمال ، ففي هذه الأمة من المعاصرين من قضى
عمره في ساحات الجهاد حتى قدَّم نفسه رخيصة لربه تعالى واشترى بها الجنة ، ومنهم من
جدَّ واجتهد في العلم منذ أن عقل إلى أن مات ، ومنهم من حافظ على قيام الليل ولم
يعرف عنه تركه لا في سفر ولا في حضر ، ومنهم من بذل أمواله كلها في سبيل الله تعالى
ولم تجب عليه الزكاة في حياته قط ، ومنهم من بذل نفسه للمسلمين يشفع لهذا ويقضي
حاجة ذاك ، ويجيب السائل ويفتي المستفتي ، ويعلم الجاهل ويحث الناس على الخير .
فلن تعدم – أخي – صوراً مشرقة من حياة علمائنا وأئمتنا ومجاهدينا
، وسترى في حياتهم ما يحثك على فعل الطاعة ويجعلك تعلم أنه يوجد مجال للمنافسة مع
المتقدمين ، ونظرة في حياة الأئمة الثلاثة : عبد العزيز بن باز والألباني وابن
عثيمين تجد فيها العلم والتعليم والجد والاجتهاد والبذل والإنفاق والشفاعة والدعوة
، ولا يزال المسلمون يقدمون أروع الأمثلة في جهادهم الكفار في الأرض كلها .
وفي حفظ القرآن نماذج صالحة كثيرة ، فقد حفظ كثيرون القرآن وهم
لم يبلغوا الثامنة من عمرهم ، وقد وجد من حفظ القرآن كاملاً في شهرين ، بل في شهر .
وينبغي على المسلم المحب للقيام بالطاعة والعبادة والراغب
بالتنافس مع من قبله أو مع من عاصره من أهل الهمم أن يحذر من أشياء :
أولها : الغفلة عن الآخرة وما فيها من ثواب جزيل وأجر عظيم ، قال
ابن القيم - رحمه الله – في " بدائع الفوائد " ( ص 98 ) : خراب القلب من الأمن
والغفلة ، وعمارته من الخشية والذكر .
وثانيها : أن يترك التنافس على الدنيا مع أهلها وليدعها لهم
ولتتطلع نفسه لعالي الأمور ، وأن يحذر أن يجعل الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه ، وأن
يجعل المال والمتاع في يده لا في قلبه .
وثالثها : الابتعاد عن التأجيل والتسويف ، وعليه أن يبادر
بالقيام بالأعمال استجابة لأمر الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ )
آل عمران/133 وقال ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ
رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الحديد/21
.
والله الموفق .