عالم البشرية قبل البعثة النبوية
************************************************** ******
بعد رسالة سيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهما السلام وقبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانت أطياف البشرية على كافة أرجاء وأنحاء الكرة الأرضية متنوعة ومختلفة تعج بالكفر والضلال
وبالإنحراف والإنحلال مابين كفار ومشركين ويهود ونصارى ومجوس وصابئين عرباً وعجماً
إلا أن كلمة التوحيد كانت وظلت مرفوعة فيما بين البعض منهم .
القبائل العربية استوطنت الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية . والقبائل الجرمانية والفرنج والقوط
استوطنوا بعض الدول الأوربية . وقبائل المغول والتتار استوطنوا الصين وروسيا وبلاد الهند والسند فى آسيا .
وقبائل الهنود الحمر استوطنوا الأمريكتين . والدولة الرومانية والفارسية تحكموا وسيطروا على أنحاء وباقى أجزاء كل الأرض .
كانوا غارقين فى الوثنية يغطون فى جاهلية منهم من يعبد التماثيل والأحجار ومنهم من يمجد العقل ويؤمن بالقوى الطبيعية
والروحية ومن كان يقدس الأبقار والأجرام الفلكية ومنهم القبائل البربرية التى تعتد بالقوة والنفوذ والسلطان
ومنهم من غرق فى المادية والشهوات والملذات الجنسية ومنهم من يؤمن بتعاليم بوذا الإلحادية .
كانوا يزخرون بالجهل والفوضى والأخلاق الرديئة وبالظلم والبغى والإضطهاد .
...
جاءت رسالة الإسلام لتنير الظلمات للإنسانية وتضىء بنورها كل جوانب الحضارة للبشرية .
...
العرب
بعد الطوفان الذى أصاب قوم سيدنا نوح عليه السلام وغطى الكرة الأرضية كان العرب ينتسبون إلى سام بن سيدنا نوح
وكانوا يتكلمون لغات عديدة منها الفينيقية والآشورية والبابلية والآرامية والعربية والعبرية والسريانية والحبشية .
تفرقوا فى شبه الجزيرة العربية وفى بادية الشام والعراق وشبه جزيرة سيناء ومصر . وتأسست منهم دولاً كثيرة وعديدة منها :
الدولة الحمورابية فى العراق والدولة الهكسوسية فى مصر ومنهم قوم عاد وقوم ثمود وجرهم وطسم وعمليق وغيرهم
من الأقوام التى درست أخبارهم وطمست آثارهم وبادوا وهلكوا لشركهم وكفرهم بالله .
ممن كانوا يتكلمون العربية : بنو يعرب بن قحطان . وبنو نزار بن معد بن عدنان .
بنو يعرب هم سكان اليمن . وبنو نزار هم سكان الحجاز .
فأصل العرب إما عدنانيون أو قحطانيون أو ممن دخلوا فى الإسلام ( فى الفتوحات الإسلامية ) .
العدنانيون : وهم سكان الحجاز ينتسبون إلى سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام استوطنوا شبه الجزيرة العربية
وكانوا شعبين كبيرين هما : شعب مضر وشعب ربيعة .
شعب مضر : أشهر قبائله كنانة ( ومنها قريش ) وهوازن وقيس وهذيل وغطفان ( ومنها عبس وذبيان ) وتميم وأشجع ..
أما شعب ربيعة : أشهر قبائله بكر وتغلب وإياد .
والقحطانيون : وهم سكان اليمن ينقسمون إلى فرعين : فرع كهلان وفرع حمير .
فرع كهلان : أشهر قبائله لخم وكندة وطىء والأزد ( والأزد منها الأوس والخزرج وغسان ) وهمدان وأنمار ( وأنمار منها خثعم )
وفرع حمير : أشهر قبائله قضاعة ( ومنها تنوخ وكلب ) ونهد .
...
والعرب منهم من كانوا بدواً يسكنون البادية ومنهم من كانوا حضراً يسكنون القرى والمدن :
البدو : كانوا رعاة يسكنون الخيام ويعيشون عيشة ارتحال وانتقال ويتفرقون بين قبائل متعددة ومستقلة لا يحكمها سلطان
ولايربطها نظام لكل منها رئيس يقودها ويدير شئونها . يسعون وراء مساقط المطر ومنابت الكلأ والعشب يرتحلون بأثاثهم
وخيامهم وماشيتهم من مكان إلى مكان . يتعصبون لقبيلتهم ويفاخرون بمحاسنها ويعيّرون بمساوئها ولكل فرد منهم
حق الحماية على باقى أفراد قبيلته وعليهم حق تعظيم وتبجيل وتوقير رئيس قبيلتهم .
كانوا بلغاء فصحاء بالسليقة والطبع حنكتهم شديدة وخبرتهم واسعة وبديهتهم حاضرة
ولدوا تحت سماء صافية متألقة النجوم نقية الهواء . يرفعون من شأن آبائهم وأجدادهم ويحطون من قدر نظرائهم .
يعظمون شاعرهم ويجلونه وينقادون إليه لما يفعله بنفوسهم ومشاعرهم من فصيح الكلام ما لا يفعله بهم حد الحسام .
الحضر : كانوا يعيشون عيشة قرار يسكنون البيوت الثابتة والمستقرة ولهم ممالك ودول ويخضعون لملوك وأمراء منها :
مملكة سبأ . مملكة حمير . إمارة الغساسنة . إمارة المناذرة .
مملكة سبأ : مملكة أسسها اليمنيون قبل الميلاد بعدة قرون واتخذوا من مأرب عاصمة لملكهم وبنوا سداً عظيماً ( سد مأرب ) .
هذه المملكة كانت تشمل الحبشة واليمن وجنوب الجزيرة العربية .
مملكة حمير ( التبابعة أو قوم تبع ): مملكة أعقبت مملكة سبأ . اتخذت من صنعاء عاصمة لملكهم .
آخر ملوكهم أبو نواس كان متعصباً لليهودية مضطهداً للمسيحية مما جعل اليمنيون يستنصرون عليه بالأحباش
فنصروهم وقتلوه ولكنهم استولوا على المملكة فاستنصر اليمنيون عليهم بالفرس فأتى كسرى أنو شروان وطرد الأحباش
وأقام سيف بن ذى يزن ملكاً فقتله الأحباش فنصبوا ملوك الفرس عليهم إلى أن جاء الفتح الإسلامى .
إمارة الغساسنة : تأسست فى الشام يعود أصلها إلى قبائل الأزد وقضاعة وغسان . اتخذوا من جلق عاصمة لهم ( بصرى ).
وهذه الإمارة كانت تشمل تدمر والرصافة ( فى سوريا ) وامتدت إلى البلقاء والكرك ( فى الأردن ) .
تحالف أمراؤهم مع الروم ضد الفرس . من أشهر ملوكهم جفنة بن عمرو والحارث بن جبلة .
إمارة المناذرة : تأسست فى العراق يعود أصلها إلى قبائل تنوخ وبنو لخم . اتخذوا من الحيرة عاصمة لهم
وقد شملت هذه الإمارة دومة الجندل وامتدت حتى البحرين وهجر وساحل الخليج العربى .
تحالف أمراؤهم مع الفرس ضد الروم . من أشهر ملوكهم عمرو بن عدى والنعمان بن المنذر الذى قتله
الفرس لرفضه اعتناق الديانة المجوسية .
...
كان للعرب أيام تعرف باسم " أيام العرب " كثيرة وعديدة وهى تعنى الملاحم والمعارك التى كانت
تدور رحاها بين القبائل وبعضها الآخر أو بين العرب وغيرهم . هذه المعارك حرض عليها الخطباء وتغنت بوقائعها
الشعراء وبالغت فى وصف أيامها كتب التاريخ والأدب . من الوقائع المشهورة لهذه الحروب :
( حرب البسوس ) : كانت بين قبيلتى بكر وتغلب . والبسوس إسم امرأة ( بسوس بنت منقذ التميمية )
من بنى بكر كانت لها ناقة قتلها رجل من بنى تغلب يدعى " كليب " أصابها بسهم فى ضرعها لرعيها فى
أرضه دون إذن منه . فاستنجدت بابن أختها " جساس " فقام بقتل كليب . طالب المهلهل ( الزير سالم )
شقيق كليب بثأر أخيه واشتعلت الحرب بين القبيلتين ودامت سنوات عديدة .
( حرب داحس والغبراء ) : وكانت بين قبيلتى عبس وذبيان . وداحس والغبراء هما إسمان لفرسين كانا
يتسابقان أحدهما ملكاً لقيس بن زهير من قبيلة عبس والآخر لحذيفة بن بدر من قبيلة فزارة . لطم كل منهما
وجه فرس صاحبه فتحاملا على بعضهما فأدى ذلك إلى نشوب الحرب بينهما .
( حرب الفِجار ) : كانت بين قبيلتى قريش وكنانة وقبيلة هوازن وقيس بن عيلان وأطلق عليها هذا
الإسم لكونها وقعت فى أحد الأشهر الحرم . ونشأت بسبب قيام البراض بن قيس بقتل عروة بن عتبة لاستضافته
إحدى القوافل فى قبيلته دون الأخرى . وتعاقبت حروب أربعة لها وانقضت بعد دفع الديات والعفو عن الدماء
التى أريقت والأرواح التى أزهقت .
( حرب حاطب ) : كانت بين قبيلتى الأوس والخزرج حيث قتل حاطب يهودىاً من الخزرج فى سوق بنى قينقاع فقتل به
ونشبت الحرب بين القبيلتين .
( يوم حليمة ) : بين الغساسنة والمناذرة. وحليمة هى إبنة أمير الغساسنة كانت تثير حماس الثأر والإنتقام فى قومها
فضرب بها المثل بعد انتصارهم على المناذرة فيقال : ( ما يوم حليمة بسر ) .
وقد كان للعرب أحلافاً ومعاهدات مثل " حلف الفضول " بين بنى هاشم وبنى زهرة وتيم بن مرة والذى تعهدوا
وتعاقدوا فيه على الوفاء بالوعد وإقراء الضيف ونصرة المظلوم .
واشتهر العرب بالشجاعة ورباطة الجأش والأنفة والعزة والكرم وإباء الضيم وإغاثة الملهوف وعدم الحرص على المال
أو الحياة وتجلت هذه الأخلاق فى شعرهم وخطبهم وأمثالهم وقصائدهم ومعلقاتهم .
منهم من اعتادوا على الغزو والإقتتال والغارات والسلب والإنتقام ومنهم من كانوا محبين للصيد والطرب والتغنى
ولعب الميسر وشرب الخمر .
وديانات العرب كثرت وتعددت معبوداتهم واختلفت مذاهبهم . فمنهم من كانوا يعبدون الأصنام والأحجار .
ومنهم من كانوا يعبدون الجن والملائكة . ومن أنكروا يوم البعث واللقاء ومن أنكروا الخالق سبحانه وتعالى وكفروا بجميع الأديان .
ومنهم من كانوا يعبدون النجوم ومن يعبدون الشمس والقمر . وكانت بعض القبائل فى يثرب يدينون بالديانة اليهودية .
وقبائل غسان وربيعة وبعض قبائل الحيرة وأهل نجران كانوا على دين النصرانية .
ولكن كان هناك من هم على ملة التوحيد الملة الحنيفية ملة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام .
وكان للعرب أسواقاً عديدة يقيمونها فى اليمن والحجاز فى أوقات معينة فيتوافدون إليها من كل حدب وصوب يقومون فيها
بالبيع والشراء ويتداولون ويجتمعون ويفتدون أسراهم التى اختطفت فى الغزو والغارات وقد كان الأدباء والشعراء
يقصدون تلك الأسواق ويلقون خطبهم وشعرهم ويتناظرون ويتفاخرون . ومن أشهر هذه الأسواق سوق دومة الجندل
وسوق هجر وسوق حضر موت وسوق عكاظ الذى كان يقام على مقربة من الطائف أثناء توافد الحجيج على بيت الله الحرام .
ومن أشهر الشعراء من أصحاب المعلقات امرؤ القيس ومن أشهر المحكمين النابغة الذبيانى
ومن أشهر خطبائها أمية بن أبى الصلت وقس بن ساعدة الأيادى.
...
الفرس والروم
الفرس ( الإمبراطورية الساسانية أو الفارسية أو بنى ساسان ) : كانت امبراطورية الفرس تضم بلاد إيران وبلاد ماوراء النهر .
وكان لفظ كسرى لقباً عاماً لجميع ملوكهم . استولوا على دمشق وفلسطين ومصر بعد انتصارهم على الإمبراطورية الرومانية .
كان الفرس مجوساً أصحاب ديانة وثنية يزعمون بوجود إلهين إله للخير وإله للشر أو إله للظلمة وإله للنور .
ومنهم من يعبد النجوم والكواكب ومن كانوا يعبدون النار ولا يطفئونها من معابدهم . ومنهم من يعبدون الشمس
ويعتبرونها مصدراً للنور والحكمة . ومنهم من يعبدون الأحجار والأبقار . ومنهم من أنكروا يوم البعث والحساب .
ومن هم غارقون فى الشهوات والملذات الجنسية ويجعلون النساء شركاء . ومنهم من جعلوا لهم حكماء يقدسونهم ويعتبرونهم كالرسل والأنبياء . ومن قالوا بتناسخ الأرواح والحلول الإلهى فى الجسد الإنسانى . وغير ذلك كثير وكثير منهم .
كانت مذاهبهم متشعبة ومختلفة وكثيرة وعديدة ولاينتمون إلى ملة ولايتمسكون بكتاب أو شبهة كتاب .
الروم ( الإمبراطورية الرومانية أو البيزنطية ) : امبراطورية الروم كانت تضم بلاد تركيا واليونان وبعض دول أوربا حالياً
وبلاد الأندلس وبلاد أخرى من أفريقيا كما كانت تضم بعض الدول الأسيوية مثل دمشق وبيت المقدس ومصر
والتى اقتطعت منها عقب هزيمتها أمام الفرس .
وكان لفظ قيصر لقباً عاماً لجميع ملوكهم . والغالب من الروم كانوا ينتمون إلى ملة ويتمسكون بكتاب أو بشبهة كتاب.
فقد كان منهم من هم أهل كتاب ( يهود و نصارى ) . وكان منهم من يقدسون الأنوار والتعميد فى المياه الجارية .
ومن يؤمنون بالتنجيم والغيب والعرافة والتمائم والإتصال بالجن والشياطين . ومنهم من كانوا صابئين يأخذون ما يهوون لهم
من الديانات ويتركون مالا يرغبون ومن يقولون بإله واحد ولا يقرون بأنبياء الله ورسله ومن يعظمون سيدنا آدم
وسيدنا يحيى عليهما السلام ولايعتبرونهما أنبياء بل معلمين وحكماء . ومن يعبدون الجن والملائكة ويزعمون
أنها الوسيلة التى تقربهم إلى الله .
...
الروم والفرس كان بينهم عداء متواصل وحروب كثيرة تغنى به الشعراء وخطب بها الخطباء .
ولقد انتصرت الإمبراطورية الفارسية على الإمبراطورية الرومانية واستولت منها على دمشق وفلسطين ومصر وذلك فى معركتهما
عند غور أو منخفض البحر الميت وهو مكان كائن ما بين الأردن وفلسطين يقل ارتفاعه عن سطح البحر 392 متراً وهو
أقل وأدنى مكان على وجه الكرة الأرضية .
وبعد بضع سنوات انتصر الروم على الفرس فى معركة نينوى ( ونينوى مدينة آشورية على ضفة نهر دجلة بالقرب من الموصل ) .
ثم انتصر المسلمون على الإمبراطوريتين فى معركة اليرموك والقادسية . وفرح المؤمنون بنصرالله .
بسم الله الرحمن الرحيم : ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ .. وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ..
لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ .. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ... )
فقد انتصر خالد بن الوليد على على الإمبراطورية الرومانية فى معركة اليرموك وقام بفتح سورية وبلاد الشام ..
وانتصر سعد بن أبى وقاص على الإمبراطورية الفارسية فى معركة القادسية وقام بفتح العراق وبلاد فارس .
( .. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ... )
************************************************** *************
************************************************** ******
بعد رسالة سيدنا موسى وسيدنا عيسى عليهما السلام وقبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
كانت أطياف البشرية على كافة أرجاء وأنحاء الكرة الأرضية متنوعة ومختلفة تعج بالكفر والضلال
وبالإنحراف والإنحلال مابين كفار ومشركين ويهود ونصارى ومجوس وصابئين عرباً وعجماً
إلا أن كلمة التوحيد كانت وظلت مرفوعة فيما بين البعض منهم .
القبائل العربية استوطنت الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية . والقبائل الجرمانية والفرنج والقوط
استوطنوا بعض الدول الأوربية . وقبائل المغول والتتار استوطنوا الصين وروسيا وبلاد الهند والسند فى آسيا .
وقبائل الهنود الحمر استوطنوا الأمريكتين . والدولة الرومانية والفارسية تحكموا وسيطروا على أنحاء وباقى أجزاء كل الأرض .
كانوا غارقين فى الوثنية يغطون فى جاهلية منهم من يعبد التماثيل والأحجار ومنهم من يمجد العقل ويؤمن بالقوى الطبيعية
والروحية ومن كان يقدس الأبقار والأجرام الفلكية ومنهم القبائل البربرية التى تعتد بالقوة والنفوذ والسلطان
ومنهم من غرق فى المادية والشهوات والملذات الجنسية ومنهم من يؤمن بتعاليم بوذا الإلحادية .
كانوا يزخرون بالجهل والفوضى والأخلاق الرديئة وبالظلم والبغى والإضطهاد .
...
جاءت رسالة الإسلام لتنير الظلمات للإنسانية وتضىء بنورها كل جوانب الحضارة للبشرية .
...
العرب
بعد الطوفان الذى أصاب قوم سيدنا نوح عليه السلام وغطى الكرة الأرضية كان العرب ينتسبون إلى سام بن سيدنا نوح
وكانوا يتكلمون لغات عديدة منها الفينيقية والآشورية والبابلية والآرامية والعربية والعبرية والسريانية والحبشية .
تفرقوا فى شبه الجزيرة العربية وفى بادية الشام والعراق وشبه جزيرة سيناء ومصر . وتأسست منهم دولاً كثيرة وعديدة منها :
الدولة الحمورابية فى العراق والدولة الهكسوسية فى مصر ومنهم قوم عاد وقوم ثمود وجرهم وطسم وعمليق وغيرهم
من الأقوام التى درست أخبارهم وطمست آثارهم وبادوا وهلكوا لشركهم وكفرهم بالله .
ممن كانوا يتكلمون العربية : بنو يعرب بن قحطان . وبنو نزار بن معد بن عدنان .
بنو يعرب هم سكان اليمن . وبنو نزار هم سكان الحجاز .
فأصل العرب إما عدنانيون أو قحطانيون أو ممن دخلوا فى الإسلام ( فى الفتوحات الإسلامية ) .
العدنانيون : وهم سكان الحجاز ينتسبون إلى سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل عليهما السلام استوطنوا شبه الجزيرة العربية
وكانوا شعبين كبيرين هما : شعب مضر وشعب ربيعة .
شعب مضر : أشهر قبائله كنانة ( ومنها قريش ) وهوازن وقيس وهذيل وغطفان ( ومنها عبس وذبيان ) وتميم وأشجع ..
أما شعب ربيعة : أشهر قبائله بكر وتغلب وإياد .
والقحطانيون : وهم سكان اليمن ينقسمون إلى فرعين : فرع كهلان وفرع حمير .
فرع كهلان : أشهر قبائله لخم وكندة وطىء والأزد ( والأزد منها الأوس والخزرج وغسان ) وهمدان وأنمار ( وأنمار منها خثعم )
وفرع حمير : أشهر قبائله قضاعة ( ومنها تنوخ وكلب ) ونهد .
...
والعرب منهم من كانوا بدواً يسكنون البادية ومنهم من كانوا حضراً يسكنون القرى والمدن :
البدو : كانوا رعاة يسكنون الخيام ويعيشون عيشة ارتحال وانتقال ويتفرقون بين قبائل متعددة ومستقلة لا يحكمها سلطان
ولايربطها نظام لكل منها رئيس يقودها ويدير شئونها . يسعون وراء مساقط المطر ومنابت الكلأ والعشب يرتحلون بأثاثهم
وخيامهم وماشيتهم من مكان إلى مكان . يتعصبون لقبيلتهم ويفاخرون بمحاسنها ويعيّرون بمساوئها ولكل فرد منهم
حق الحماية على باقى أفراد قبيلته وعليهم حق تعظيم وتبجيل وتوقير رئيس قبيلتهم .
كانوا بلغاء فصحاء بالسليقة والطبع حنكتهم شديدة وخبرتهم واسعة وبديهتهم حاضرة
ولدوا تحت سماء صافية متألقة النجوم نقية الهواء . يرفعون من شأن آبائهم وأجدادهم ويحطون من قدر نظرائهم .
يعظمون شاعرهم ويجلونه وينقادون إليه لما يفعله بنفوسهم ومشاعرهم من فصيح الكلام ما لا يفعله بهم حد الحسام .
الحضر : كانوا يعيشون عيشة قرار يسكنون البيوت الثابتة والمستقرة ولهم ممالك ودول ويخضعون لملوك وأمراء منها :
مملكة سبأ . مملكة حمير . إمارة الغساسنة . إمارة المناذرة .
مملكة سبأ : مملكة أسسها اليمنيون قبل الميلاد بعدة قرون واتخذوا من مأرب عاصمة لملكهم وبنوا سداً عظيماً ( سد مأرب ) .
هذه المملكة كانت تشمل الحبشة واليمن وجنوب الجزيرة العربية .
مملكة حمير ( التبابعة أو قوم تبع ): مملكة أعقبت مملكة سبأ . اتخذت من صنعاء عاصمة لملكهم .
آخر ملوكهم أبو نواس كان متعصباً لليهودية مضطهداً للمسيحية مما جعل اليمنيون يستنصرون عليه بالأحباش
فنصروهم وقتلوه ولكنهم استولوا على المملكة فاستنصر اليمنيون عليهم بالفرس فأتى كسرى أنو شروان وطرد الأحباش
وأقام سيف بن ذى يزن ملكاً فقتله الأحباش فنصبوا ملوك الفرس عليهم إلى أن جاء الفتح الإسلامى .
إمارة الغساسنة : تأسست فى الشام يعود أصلها إلى قبائل الأزد وقضاعة وغسان . اتخذوا من جلق عاصمة لهم ( بصرى ).
وهذه الإمارة كانت تشمل تدمر والرصافة ( فى سوريا ) وامتدت إلى البلقاء والكرك ( فى الأردن ) .
تحالف أمراؤهم مع الروم ضد الفرس . من أشهر ملوكهم جفنة بن عمرو والحارث بن جبلة .
إمارة المناذرة : تأسست فى العراق يعود أصلها إلى قبائل تنوخ وبنو لخم . اتخذوا من الحيرة عاصمة لهم
وقد شملت هذه الإمارة دومة الجندل وامتدت حتى البحرين وهجر وساحل الخليج العربى .
تحالف أمراؤهم مع الفرس ضد الروم . من أشهر ملوكهم عمرو بن عدى والنعمان بن المنذر الذى قتله
الفرس لرفضه اعتناق الديانة المجوسية .
...
كان للعرب أيام تعرف باسم " أيام العرب " كثيرة وعديدة وهى تعنى الملاحم والمعارك التى كانت
تدور رحاها بين القبائل وبعضها الآخر أو بين العرب وغيرهم . هذه المعارك حرض عليها الخطباء وتغنت بوقائعها
الشعراء وبالغت فى وصف أيامها كتب التاريخ والأدب . من الوقائع المشهورة لهذه الحروب :
( حرب البسوس ) : كانت بين قبيلتى بكر وتغلب . والبسوس إسم امرأة ( بسوس بنت منقذ التميمية )
من بنى بكر كانت لها ناقة قتلها رجل من بنى تغلب يدعى " كليب " أصابها بسهم فى ضرعها لرعيها فى
أرضه دون إذن منه . فاستنجدت بابن أختها " جساس " فقام بقتل كليب . طالب المهلهل ( الزير سالم )
شقيق كليب بثأر أخيه واشتعلت الحرب بين القبيلتين ودامت سنوات عديدة .
( حرب داحس والغبراء ) : وكانت بين قبيلتى عبس وذبيان . وداحس والغبراء هما إسمان لفرسين كانا
يتسابقان أحدهما ملكاً لقيس بن زهير من قبيلة عبس والآخر لحذيفة بن بدر من قبيلة فزارة . لطم كل منهما
وجه فرس صاحبه فتحاملا على بعضهما فأدى ذلك إلى نشوب الحرب بينهما .
( حرب الفِجار ) : كانت بين قبيلتى قريش وكنانة وقبيلة هوازن وقيس بن عيلان وأطلق عليها هذا
الإسم لكونها وقعت فى أحد الأشهر الحرم . ونشأت بسبب قيام البراض بن قيس بقتل عروة بن عتبة لاستضافته
إحدى القوافل فى قبيلته دون الأخرى . وتعاقبت حروب أربعة لها وانقضت بعد دفع الديات والعفو عن الدماء
التى أريقت والأرواح التى أزهقت .
( حرب حاطب ) : كانت بين قبيلتى الأوس والخزرج حيث قتل حاطب يهودىاً من الخزرج فى سوق بنى قينقاع فقتل به
ونشبت الحرب بين القبيلتين .
( يوم حليمة ) : بين الغساسنة والمناذرة. وحليمة هى إبنة أمير الغساسنة كانت تثير حماس الثأر والإنتقام فى قومها
فضرب بها المثل بعد انتصارهم على المناذرة فيقال : ( ما يوم حليمة بسر ) .
وقد كان للعرب أحلافاً ومعاهدات مثل " حلف الفضول " بين بنى هاشم وبنى زهرة وتيم بن مرة والذى تعهدوا
وتعاقدوا فيه على الوفاء بالوعد وإقراء الضيف ونصرة المظلوم .
واشتهر العرب بالشجاعة ورباطة الجأش والأنفة والعزة والكرم وإباء الضيم وإغاثة الملهوف وعدم الحرص على المال
أو الحياة وتجلت هذه الأخلاق فى شعرهم وخطبهم وأمثالهم وقصائدهم ومعلقاتهم .
منهم من اعتادوا على الغزو والإقتتال والغارات والسلب والإنتقام ومنهم من كانوا محبين للصيد والطرب والتغنى
ولعب الميسر وشرب الخمر .
وديانات العرب كثرت وتعددت معبوداتهم واختلفت مذاهبهم . فمنهم من كانوا يعبدون الأصنام والأحجار .
ومنهم من كانوا يعبدون الجن والملائكة . ومن أنكروا يوم البعث واللقاء ومن أنكروا الخالق سبحانه وتعالى وكفروا بجميع الأديان .
ومنهم من كانوا يعبدون النجوم ومن يعبدون الشمس والقمر . وكانت بعض القبائل فى يثرب يدينون بالديانة اليهودية .
وقبائل غسان وربيعة وبعض قبائل الحيرة وأهل نجران كانوا على دين النصرانية .
ولكن كان هناك من هم على ملة التوحيد الملة الحنيفية ملة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام .
وكان للعرب أسواقاً عديدة يقيمونها فى اليمن والحجاز فى أوقات معينة فيتوافدون إليها من كل حدب وصوب يقومون فيها
بالبيع والشراء ويتداولون ويجتمعون ويفتدون أسراهم التى اختطفت فى الغزو والغارات وقد كان الأدباء والشعراء
يقصدون تلك الأسواق ويلقون خطبهم وشعرهم ويتناظرون ويتفاخرون . ومن أشهر هذه الأسواق سوق دومة الجندل
وسوق هجر وسوق حضر موت وسوق عكاظ الذى كان يقام على مقربة من الطائف أثناء توافد الحجيج على بيت الله الحرام .
ومن أشهر الشعراء من أصحاب المعلقات امرؤ القيس ومن أشهر المحكمين النابغة الذبيانى
ومن أشهر خطبائها أمية بن أبى الصلت وقس بن ساعدة الأيادى.
...
الفرس والروم
الفرس ( الإمبراطورية الساسانية أو الفارسية أو بنى ساسان ) : كانت امبراطورية الفرس تضم بلاد إيران وبلاد ماوراء النهر .
وكان لفظ كسرى لقباً عاماً لجميع ملوكهم . استولوا على دمشق وفلسطين ومصر بعد انتصارهم على الإمبراطورية الرومانية .
كان الفرس مجوساً أصحاب ديانة وثنية يزعمون بوجود إلهين إله للخير وإله للشر أو إله للظلمة وإله للنور .
ومنهم من يعبد النجوم والكواكب ومن كانوا يعبدون النار ولا يطفئونها من معابدهم . ومنهم من يعبدون الشمس
ويعتبرونها مصدراً للنور والحكمة . ومنهم من يعبدون الأحجار والأبقار . ومنهم من أنكروا يوم البعث والحساب .
ومن هم غارقون فى الشهوات والملذات الجنسية ويجعلون النساء شركاء . ومنهم من جعلوا لهم حكماء يقدسونهم ويعتبرونهم كالرسل والأنبياء . ومن قالوا بتناسخ الأرواح والحلول الإلهى فى الجسد الإنسانى . وغير ذلك كثير وكثير منهم .
كانت مذاهبهم متشعبة ومختلفة وكثيرة وعديدة ولاينتمون إلى ملة ولايتمسكون بكتاب أو شبهة كتاب .
الروم ( الإمبراطورية الرومانية أو البيزنطية ) : امبراطورية الروم كانت تضم بلاد تركيا واليونان وبعض دول أوربا حالياً
وبلاد الأندلس وبلاد أخرى من أفريقيا كما كانت تضم بعض الدول الأسيوية مثل دمشق وبيت المقدس ومصر
والتى اقتطعت منها عقب هزيمتها أمام الفرس .
وكان لفظ قيصر لقباً عاماً لجميع ملوكهم . والغالب من الروم كانوا ينتمون إلى ملة ويتمسكون بكتاب أو بشبهة كتاب.
فقد كان منهم من هم أهل كتاب ( يهود و نصارى ) . وكان منهم من يقدسون الأنوار والتعميد فى المياه الجارية .
ومن يؤمنون بالتنجيم والغيب والعرافة والتمائم والإتصال بالجن والشياطين . ومنهم من كانوا صابئين يأخذون ما يهوون لهم
من الديانات ويتركون مالا يرغبون ومن يقولون بإله واحد ولا يقرون بأنبياء الله ورسله ومن يعظمون سيدنا آدم
وسيدنا يحيى عليهما السلام ولايعتبرونهما أنبياء بل معلمين وحكماء . ومن يعبدون الجن والملائكة ويزعمون
أنها الوسيلة التى تقربهم إلى الله .
...
الروم والفرس كان بينهم عداء متواصل وحروب كثيرة تغنى به الشعراء وخطب بها الخطباء .
ولقد انتصرت الإمبراطورية الفارسية على الإمبراطورية الرومانية واستولت منها على دمشق وفلسطين ومصر وذلك فى معركتهما
عند غور أو منخفض البحر الميت وهو مكان كائن ما بين الأردن وفلسطين يقل ارتفاعه عن سطح البحر 392 متراً وهو
أقل وأدنى مكان على وجه الكرة الأرضية .
وبعد بضع سنوات انتصر الروم على الفرس فى معركة نينوى ( ونينوى مدينة آشورية على ضفة نهر دجلة بالقرب من الموصل ) .
ثم انتصر المسلمون على الإمبراطوريتين فى معركة اليرموك والقادسية . وفرح المؤمنون بنصرالله .
بسم الله الرحمن الرحيم : ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ .. وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ..
لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ .. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ... )
فقد انتصر خالد بن الوليد على على الإمبراطورية الرومانية فى معركة اليرموك وقام بفتح سورية وبلاد الشام ..
وانتصر سعد بن أبى وقاص على الإمبراطورية الفارسية فى معركة القادسية وقام بفتح العراق وبلاد فارس .
( .. وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ... )
************************************************** *************