بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا
كنتُ قد اعتقدت -إن مخطئًا أو مصيبًا- أن تجويز "العمل الحزبي" في الإسلام
(الدين الذي يسعى لإقامة دولته الموعودة)، وباعتباره أحد أشكال "العمل
الجماعي" إنما يدور على آية التوبة رقم (122) كما سبق وبيّنت، فإني أعتبر
أن أهم أصلٍ في عدم تجويز العمل الحزبي في الإسلام (الدولة الموعودة بعد
إقامتها إن شاء الله تعالى)[1] إنما هو قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِلفَ فِي الإِسْلامِ".
وقد
يكون لاستشهاد بعضهم على عدم مشروعية الأحزاب في الإسلام بحديث "لا حلف في
الإسلام" مبررٌ لغويٌ؛ إذ اللفظان "حلف" و"حزب" بُنيا على الميزان الصرفي
نفسه، فضلا عن اشتمالهما على حرفٍ من ثلاثةٍ هو نفسه في كليهما، ونعم
اللغة لا تباعد بين معنيي اللفظين كثيرًا؛ لكن لغة العرب -التي هي لغة
الوحي الخاتم ومن ثم لغة الإسلام أو "وِعاؤه" كما يحلو لبعضنا أن يعبِّر-
ليست كل آليات فهم الوحي الخاتم بل آليةٌ واحدةٌ منها، فضلاً عن أن
فهومَنا تختلف حولها اختلافها حول الوحي نفسه، وأكثر...
لقد
ورد حديث "لا حلف في الإسلام" عن ستةٍ 6 من أصحاب رسول الله -رضي الله
تعالى عنهم- مرفوعا إليه - صلى الله عليه وسلم - بعضها صحيح، وبعضها حسن،
وبعضها ضعيف، كما ورد مرسلاً عن بعض التابعين أيضًا.
وتتعدد
رواياته سندًا ومتنًا في دواوين السنة.. الصحيحين فما دونهما؛ فهو حديث
مشهورٌ معروفٌ لدى الصحابة والتابعين وأهل العلم في كلّ زمن؛ فقد رواه كل
من: جبير بن مطعم - رضي الله عنه - بلفظ: "لا حلف في الإسلام، أيما حلف
كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[2]. وهو عمدة هذا الباب، وليس في رواياته في دواوين السنة التي بين يديّ كبير اختلاف عن هذا النص.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[3].
وعن قيس بن عاصم - رضي الله عنه -: "لا حلف في الإسلام"[4].
وعن
عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "لا حلف في الإسلام، ما كان من حلف في
الجاهلية فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة، المؤمنون يد على من سواهم، يجير
عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم، يرد سراياهم على قعيدتهم، لا يقتل مؤمن
بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب، لا تؤخذ صدقاتهم إلا
في دورهم"[5].
وعن التوأم أبي دخان - رضي الله عنه -: "لا حلف في الإسلام تمسكوا بحلف الجاهلية"[6].
وعن أم سلمة -رضي الله عنها-: "لا حلف في الإسلام. ما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[7].
وفي
رواية مرسلة: "من كان حليفًا في الجاهلية فهو على حلفه، وله نصيبه من
العقل والنصر، يعقل عنه من حالف، وميراثه لعصبته من كانوا، لا حلف في
الإسلام، تمسكوا بحلف الجاهلية؛ فإن الله لم يزده في الإسلام إلا شدة"[8].
كما
ورد الحديث متفقًا عليه في الصحيحين (البخاري ومسلم)، من حديث أنس بن مالك
- رضي الله عنه - بلفظ: أبلغك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا
حلف في الإسلام"؟ فقال: قد حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش
والأنصار في داري[9].
وقد أوهم حديثُ أنسٍ هذا، أو بالأحرى فهْمُه - رضي الله عنه - لحديث جبير وإخوانه -رضي الله عنهم جميعًا- المسئولِ عنه[10]، بعضَهم أن بين الحديثين تعارضًا. والحق أنه لا تعارض ألبتة؛ إذ ثمَّ -في الحقيقة- قضيتانِ، وإن تكن كلٌّ منهما مركبةً من أجزاء...
القضية الأولى: تأكيدُ كل حلفٍ كان في الجاهلية، وفيها جزئيات...
1-
أن حلف الجاهلية مؤكّدٌ ومستمر في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"، وقوله: "ما كان من
حلف في الجاهلية فتمسكوا به"، وكما في حديث قيس - رضي الله عنه -: "تمسكوا
بحلف الجاهلية"[11]، أو "ما كان في الجاهلية فتمسكوا به"[12]، أو "ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية"[13]، أو "ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به"[14]. وكذا حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "وأوفوا بحلف الجاهلية"[15]. وحديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - وفيه: "شدة وحدة"[16]، أو "شدة أو حدة"[17]، أو "شدة أو جدة"[18]
-بالجيم- ولا أدري إن كان تصحيفًا. ويؤكده أيضًا قوله - صلى الله عليه
وسلم - عن حلف الفضول الذي حضره في الجاهلية: "وما يسرني أن لي حمر النعم
وأني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة"[19].
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وأخرج أيضا أحمد وأبو يعلى وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا[20]:
"شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحِبُّ أن أنكثه"... ويستفاد من حديث
عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام، وإلى ذلك الإشارة في
حديث جبير بن مطعم"[21].
2-
أن أحلاف الجاهلية هي ما كان قبل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حلف في
الإسلام". (واختلف الصحابة في الحد الفاصل بين الحلف الواقع في الجاهلية
والإسلام؛ فقال ابن عباس: ما كان قبل نزول الآية المذكورة[22]
جاهليٌّ وما بعدها إسلامي. وعن علي: ما كان قبل نزول ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾
(قريش: 1) جاهلي. وعن عثمان: كل حلف كان قبل الهجرة جاهلي وما بعدها
إسلامي. وعن عمر: كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود وكل حلف بعدها منقوض")[23]. قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وأظن قول عمر أقواها"[24].
وقال
أبو محمد ابن حزمٍ -رحمه الله تعالى-: "فواجب أن نطلب معرفة الوقت الذي
قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحلف في الإسلام؛ فذكر عن عمر
بن الخطاب من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن
بن عوف قال: إن كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود، وكل حلف كان بعد
الحديبية فهو منقوض؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وادع قريشا
يوم الحديبية كتب -عليه السلام- حينئذ بينه وبينهم أنه من أحب أن يدخل في
عهد قريش وعقدها دخل، ومن أحب أن يدخل في عهد محمد - صلى الله عليه وسلم -
وعقده دخل. وقضى عثمان أن كل حلف كان قبل الهجرة فهو جاهلي ثابت وكل حلف
كان بعد الهجرة فهو في الإسلام وهو مفسوخ، قضى بذلك في قوم من بني بهز من
بني سليم. وقضى علي بن أبي طالب أن كل حلف كان قبل نزول ﴿لإِيلافِ
قُرَيْشٍ﴾ (قريش: 1) فهو جاهلي ثابت، وكل حلف كان بعد نزولها فهو إسلامي
مفسوخ؛ لأن من حالف ليدخل في قريش بعد نزول ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ (قريش: 1)
ممن لم يكن منهم لم يكن بذلك داخلا فيهم؛ قضى في ذلك في حلف ربيعة إذنه في
جعفي وهو جد إسحاق بن مسلم إذنه. وقال ابن عباس: كل حلف كان قبل نزول
﴿وَلِكُلٍّ جَعَلنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ﴾إلى قوله: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ (النساء: 33)، فهو مشدود، وكل حلف كان بعد نزولها فهو مفسوخ"[25].
و(قال
عمر بن شبة -في كتاب "مكة"-: "حدثنا غسان حدثني عبد العزيز بن عمران عن
موسى بن يعقوب -وهو الزمعي- عن ابن لعبد الله بن عطاء بن أبي جليد عن أبيه
عن جده قال: أحدث بنو العرابة من بهز بطن من بني سليم في قومهم حدثا؛
قتلوا قتيلا ثم خرجوا فهبطوا على ابن أبي جليد فحالفوه، وكان ينزل ستارة
فطلبهم قومهم فمنعهم، وقال: هم حلفائي وأنا أعقل عنهم؛ فلما كان في زمن
عثمان خاصموه، وقالوا: حالفوه والنبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة؛ فهو
حلف إسلامي؛ فقضى عثمان: كل حلف كان ورسول الله بمكة فهو جاهلي، وما كان
في الهجرة فهو إسلامي؛ إذ لا حلف في الإسلام")[26].
قال
ابن حزمٍ -رحمه الله تعالى-: "فوجب أن ننظر في الصحيح من ذلك؛ فأما قول
عثمان - رضي الله عنه -: إن حد انقطاع الحلف إنما هو أول وقت الهجرة فلا
يصح؛ لأن أنسًا روى -كما ذكرنا- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالف
بين قريش والأنصار بالمدينة، ولا يشك أحد في أن هذا الحلف كان بعد الهجرة.
وأما قول عمر - رضي الله عنه - في تحديده انقطاع الحلف بيوم الحديبية فهذا
أيضًا متوقّف؛ لأن حلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار
كان بعد الهجرة، ولا ندري أقبل الحديبية أم بعدَها. فأما نزول ﴿لإِيلافِ
قُرَيْشٍ﴾ (قريش: 1) والآية الأخرى ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلنَا﴾... ﴿نَصِيبَهُمْ﴾(النساء: 33)؛
فما ندري متى نزلتا؛ لأن جبير بن مطعم راوي "كل حلف كان في الجاهلية فلم
يزده الإسلام إلا شدة" لم يسلم إلا يوم الفتح؛ فلا يحمل هذا الخبر إلا على
يوم الفتح، والله أعلم"[27]. والحق أن الحق ما قال ابن حزمٍ، وسيأتي ما يدل له دلالةً لا تدع مجالاً للشك.
غير
أني أتحرّج أن أخالف الصحابة، خاصة الخلفاء الراشدين الثلاثة؛ الذين هم
-رضي الله عنهم وأرضاهم- أوعى بالوحي وأنصح للدين مني ومن ابن حزمٍ -رحمه
الله تعالى- فهل يكون للحق مخرجٌ في أن أسانيد هذه الروايات عن الصحابة
ضعيفة؛ فيكون هاهنا مندوحة عنها للبناء على ما صح.. كتاب الله تعالى وسنة
رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟؟ لعل...
3-
أن الوفاء والتمسك بأحلاف الجاهلية يعني الوفاء والتمسك فقط بما لم يبطله
الشرع؛ فعن "عن قتادة قال: هم الأولياء. قال: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ
أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: 33). قال: كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل
فيقول: "دمي دمك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك، وتطلب بدمي وأطلب بدمك"؛ فلما
جاء الإسلام بقي منهم ناس فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث، وهو السدس،
ثم نسخ ذلك بالميراث بعد؛ فقال: ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ (الأنفال: 75)"[28].
و"عن
ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
من كان حليفا في الجاهلية فهو على حلفه وله نصيبه من العقل والنصر يعقل
عنه من حالف، وميراثه لعصبته من كانوا، وقالوا: لا حلف في الإسلام،
وتمسكوا بحلف الجاهلية؛ فإن الله لم يزده في الإسلام إلا شدة"[29].
وقال السيوطي -رحمه الله تعالى-: "لا حلف في الإسلام"؛ أراد به حلف التوارث، والحلف على ما منع الشرع منه[30].
4-
أن حديث لا حلف في الإسلام متأخِّر؛ لأنه لما كان جبير بن مطعم - رضي الله
عنه - إنما أسلم بعد الفتح في العام الثامن، وأن قيس بن عاصم - رضي الله
عنه - إنما وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام التاسع، وأن
حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما- تضمن ما يفيد سماع الحديث من رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - عام الفتح. وأن حديث عبد الله بن عباس تضمن: "كل حلف
كان في الجاهلية أو عقد أدركه الإسلام فلا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا عقد
ولا حلف عن الإسلام فنسختها هذه الآية ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (الأحزاب: 6)"[31]
- كان الحديث متأخرًا. وبذا يصح اعتباره ناسخا لما يستلزمه الحلف مما
استقر الشرع على عدمه؛ كتوارث غير ذي القربى، ونصرة الظالم وغيرهما.
5-
أنه لما كانت أحلاف الجاهلية قد زالت بانقراض أطرافها ودروس معالمها وكل
ما يتعلق بها بمضي أربعة عشر قرنا عليها أو يزيد؛ فإن هذه القضية لا
تعنينا أصلا في أمر إنشاء الأحزاب السياسية؛ إلا إن كانت الحزبية تعني
تناصرا بين أنصار حزب ما على ظلم أو باطل لا يقرهما الإسلام. وأما التوارث
بين غير أولي الأرحام وغيره مما كانت أحلاف الجاهلية تفعله فإن الحزبية
اليوم لا تفعله ولا تقول به.
القضية الثانية -وهي أهم-: إبطال كل حلف حادثٍ في الإسلام، وفيها...
1-
أن حديث "لا حلف في الإسلام" صحيحٌ تقوم به الحجة، وأن الحديث بشقيه
كليهما وحيٌ أوحاه الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز
تجاوزه؛ حيث فيه -كما في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "قلت:
يا رسول الله! أكتب عنك ما سمعت؟ قال: "نعم"، قلت: في الغضب والرضى؟ قال:
"نعم؛ فإنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقا"[32].
2-
أنه يعني إبطال كل حلف حادثٍ بعده، على الخلاف بين الصحابة - رضي الله
عنهم - فمن بعدهم في الحد الذي تقف أحلاف الجاهلية عنده، وقد رجحنا أنه
عام الفتح. ومن ثم جاز الاستشهاد به على منع الأحزاب في الإسلام إن كانت
تعني أحلافًا، وتوجب عندنا ما كانت توجبه الأحلاف عندهم؛ أي من نصرة
الظالم وتوريث غير أولي القربى، وغيرهما.
فـ"عن قتادة قال: كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول: "دمي دمك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك، وتطلب بدمي وأطلب بدمك" كما سبق[33]. وقال الزيلعي -رحمه الله تعالى-: (ورد بعض الناس هذا القول؛ أعني التوارث بالحلف بقوله -عليه السلام-: "لا حلف في الإسلام")[34].
3-
أنه لا تعارض بين حديث أنس وحديث جبير -رضي الله عنهما- كما يتوهم بعضهم؛
لأنه يصح تفسير الحلف في حديث أنس - رضي الله عنه - بالمؤاخاة؛ ففي بعض
رواياته: "قال: فغضب (أي أنسٌ - رضي الله عنه -) ثم قال: بلى، بلى!! قد
حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داره"،
وفيها: "قال سفيان: كأنه يقول: آخى"[35]. وقال: "فسَّرته العلماء: حالف آخى"[36].
قال
الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث؛ لأن
فيه نفيَ الحلف وفيما قاله هو إثباته، ويمكن الجمع بأن المنفي ما كانوا
يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما، ومن أخذ الثأر من
القبيلة بسبب قتل واحد منها، ومن التوارث، ونحو ذلك. والمثبت ما عدا ذلك
من نصر المظلوم، والقيام في أمر الدين، ونحو ذلك من المستحبات الشرعية؛
كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد"[37]، ولا شك أن المؤاخاة من معاني الحلف؛ كالموادَّة والنصرة.
كما أنها لو كانت أحلافا حقيقية وتامة في كل شيء، كما يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "لكن سياق عاصم[38] عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة؛ إلا لما كان الجواب مطابقا، وترجمة البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما"[39]؛ فإن مواقيتها قد انتهت؛ فقد مضى عليها أربعة عشر قرنا أو يزيد، ولم يعد معمولاً بها.
4- أنه يصح اعتبار حديث جبير ناسخًا لحديث أنس -رضي الله عنهما- لأن الأول متأخر عن الثاني[40]؛
ولأنه يؤيده القرآن في مثل قوله تعالى: ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ (الأنفال: 75). غير أنه سيُعترض بأن هذا
مخالفٌ لفهم أنس لحديث جبير -رضي الله عنهما- فلا يبقى إلا أن يخصص الحلف
بالمؤاخاة ونحوها؛ كما حاول سفيان وغيره. فيمكن التوفيق بين الحديثين؛ كما
فعل سفيان بن عيينة -رحمه الله تعالى- فحصر الحلف في المؤاخاة، وهي جزء
منه كما أسلفنا؛ فيكون إنكار أنس - رضي الله عنه - نسخ الحلف إنكارًا لنسخ
المؤاخاة والتعاون على البر والتقوى ونحوهما من مقاصد الإسلام وفروضه
الواجبة على المؤمنين؛ كما يؤكد قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10)، وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة:
2)، ونحو هذا. قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "قال النووي: المنفي حلف
التوارث وما يمنع منه الشرع، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم
والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغب فيه"[41].
5-
أن بين الحلف في حديثي جبير وأنس عموما وخصوصا؛ فقوله: "حَالَف رسولُ الله
- صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار في دارنا مرَّتِين"؛ أي
آخَى بينهم وعاهد. وفي حديث آخر "لا حِلفَ في الإسلام"؛ أصل الحِلف
المُعاقَدُة والمعاهدة على التَّعاضُد والتَساعُد والاتفّاق؛ فما كان منه
في الجاهلية على الفِتَن والقتال بين القبائل والغارات؛ فذلك الذي ورد
النّهْى عنه في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِلفَ في
الإسلام"، وما كان في الجاهلية على نَصْر المَظْلوم وصلة الأرحام؛ كحلف
المُطَيِّبين وما جرى مَجْراه فذلك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -:
"وأَيُّما حِلفٍ كان في الجاهلية لم يَزِدْه الإسلام إلا شدة".. يريد من
المُعاقدة على الخير ونُصْرَة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا الحِلف
الذي يَقْتَضِيه الإسلام، والمَمْنُوع منه ما خالف حُكْم الإسلام"[42].
وهذا يتضح من معنى الحلف والمؤاخاة؛ فـ"الحِلف" -بكسر المهملة وسكون اللام بعدها فاء- هو المعاهدة[43]..
"حَلَف، يحلف بالكسر، حَلِفا بكسر اللام، ومَحْلُوفًا، وهو أحد ما جاء من
المصادر على مفعول. وأحْلَفَهُ، وحَلَّفَهُ، واسْتَحْلَفهُ: كله بمعنى،
والحِلفُ، بوزن الحقف: العهد يكون بين القوم، وقد حَالَفهُ أي عاهده،
وتَحَالفُوا: تعاهدوا، وفي الحديث: "أنه حالف بين قريش والأنصار"، يعني
آخى بينهم؛ لأنه لا حلف في الإسلام، والحَلِيفُ المُحَالِفُ، والمولى"[44]. "والمعنى أنهم لا يتعاهدون في الإسلام على الأشياء التي كانوا يتعاهدون عليها في الجاهلية"[45].
"قال
ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين؛ مرة بين المهاجرين خاصة، وذلك بمكة،
ومرة بين المهاجرين والأنصار فهي المقصودة هنا. وذكر ابن سعد بأسانيد
الواقدي إلى جماعة من التابعين قالوا: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم
- المدينة آخى بين المهاجرين وآخى بن المهاجرين والأنصار على المواساة،
وكانوا يتوارثون، وكانوا تسعين نفسا بعضهم من المهاجرين وبعضهم من
الأنصار، وقيل: كانوا مائة؛ فلما نزل ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ﴾ (الأنفال:
75) بطلت المواريث بينهم بتلك المؤاخاة... كما في حديث ابن عباس: "لما
قدموا المدينة كان يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة التي آخى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، وعند أحمد من رواية عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده نحوه؛ قال السهيلي: آخى بين أصحابه ليذهب عنهم وحشة الغربة
ويتأنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة، ويشد بعضهم أزر بعض؛ فلما عز الإسلام،
واجتمع الشمل، وذهبت الوحشة أبطل المواريث، وجعل المؤمنين كلهم إخوة وأنزل
﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10)؛ يعني في التوادد وشمول
الدعوة"[46].
6-
وهو أهمها: أن عدم جواز الحلف في الإسلام معلَّلٌ؛ كما في حديث عبد الله
بن عمرو -رضي الله عنهما- حيث قال صلى الله عليه وسلم -فيه-: "المؤمنون يد
على من سواهم، يجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم، يرد سراياهم على
قعيدتهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب،
لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم"[47]، "تتكافَأُ دماؤهم"[48]. وقال: "يسعى بذمتهم أدناهم"[49]، وقال: "لا تحدثوا حلفا في الإسلام"[50].
بمعنى أن الممنوع أن يتحالف مسلمٌ مع مسلمٍ ضد مسلمٍ غير ظالمٍ ولا معتدٍ،
وهذا معلومٌ حرمتُه بداهة؛ إذ كيف تحرّم النجوى بقوله - صلى الله عليه
وسلم -: "إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ
الثَّالِثِ"[51]، ويباح الحلف -بهذا المفهوم الجاهلي- وهو أكبر منها بكثير؟!!
ثم
إن القرآن العظيم قد استثنى النجوى بالبر والتقوى من التحريم، وقصره على
النجوى بالإثم والعدوان ومعصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا
بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا
بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ
تُحْشَرُونَ﴾ (المجادلة: 9). وحاجة المسلمين للأحلاف لأداء فروض الإسلام
أكبر بكثير من حاجتهم إلى المناجاة، وما في الحلف من البر أكثر مما فيها،
ولو كان كل حلفٍ ومن أي نوعٍ حرامًا لما غزا جيشٌ في سبيل الله، ولا شاع
فقهٌ في الدين، ولا أمر بمعروفٍ ولا نُهي عن منكر، وفي الأخير ما قامت
للإسلام قائمة.
7-
إن كان الأمر كذلك، وكان الإسلام دينًا مستمرّا على مر الدهر، وهو بالفعل
قد نزل لنا ولمن بعدنا كما نزل لمن قبلنا، وأن هذا الحديث -بعد إذ صحَّ-
جزءٌ من ديننا ووحيٌ مما أوحي إلى نبينا؛ فكيف نفيد منه في موضوعنا؟؟
ما
أعلمه أنا نفيد منه في أن لا تكون الأحلاف على محرَّم بالشرع؛ لا أن تكون
ممنوعةً مطلقا، وكذلك في منع الحلف بين ما هو إسلامي وما هو غير إسلامي من
الأحزاب، وفي الأخير أريد أن أقول: إنني أحمل حديث "لا حلف في الإسلام"
على حرمة الأحلاف (الأحزاب) في الدولة الإسلامية، وهذا موافق تمامًا
لنظريتي "الإسلام دين وأمة ودولة" في أنه تجوز الأحلاف (الأحزاب) في "أمة
الإسلام"؛ أي قبل قيام دولته، ولا تجوز بعد قيامها، والله تعالى أعلم
بالصواب.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا
كنتُ قد اعتقدت -إن مخطئًا أو مصيبًا- أن تجويز "العمل الحزبي" في الإسلام
(الدين الذي يسعى لإقامة دولته الموعودة)، وباعتباره أحد أشكال "العمل
الجماعي" إنما يدور على آية التوبة رقم (122) كما سبق وبيّنت، فإني أعتبر
أن أهم أصلٍ في عدم تجويز العمل الحزبي في الإسلام (الدولة الموعودة بعد
إقامتها إن شاء الله تعالى)[1] إنما هو قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِلفَ فِي الإِسْلامِ".
وقد
يكون لاستشهاد بعضهم على عدم مشروعية الأحزاب في الإسلام بحديث "لا حلف في
الإسلام" مبررٌ لغويٌ؛ إذ اللفظان "حلف" و"حزب" بُنيا على الميزان الصرفي
نفسه، فضلا عن اشتمالهما على حرفٍ من ثلاثةٍ هو نفسه في كليهما، ونعم
اللغة لا تباعد بين معنيي اللفظين كثيرًا؛ لكن لغة العرب -التي هي لغة
الوحي الخاتم ومن ثم لغة الإسلام أو "وِعاؤه" كما يحلو لبعضنا أن يعبِّر-
ليست كل آليات فهم الوحي الخاتم بل آليةٌ واحدةٌ منها، فضلاً عن أن
فهومَنا تختلف حولها اختلافها حول الوحي نفسه، وأكثر...
لقد
ورد حديث "لا حلف في الإسلام" عن ستةٍ 6 من أصحاب رسول الله -رضي الله
تعالى عنهم- مرفوعا إليه - صلى الله عليه وسلم - بعضها صحيح، وبعضها حسن،
وبعضها ضعيف، كما ورد مرسلاً عن بعض التابعين أيضًا.
وتتعدد
رواياته سندًا ومتنًا في دواوين السنة.. الصحيحين فما دونهما؛ فهو حديث
مشهورٌ معروفٌ لدى الصحابة والتابعين وأهل العلم في كلّ زمن؛ فقد رواه كل
من: جبير بن مطعم - رضي الله عنه - بلفظ: "لا حلف في الإسلام، أيما حلف
كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[2]. وهو عمدة هذا الباب، وليس في رواياته في دواوين السنة التي بين يديّ كبير اختلاف عن هذا النص.
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: "كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[3].
وعن قيس بن عاصم - رضي الله عنه -: "لا حلف في الإسلام"[4].
وعن
عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "لا حلف في الإسلام، ما كان من حلف في
الجاهلية فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة، المؤمنون يد على من سواهم، يجير
عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم، يرد سراياهم على قعيدتهم، لا يقتل مؤمن
بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب، لا تؤخذ صدقاتهم إلا
في دورهم"[5].
وعن التوأم أبي دخان - رضي الله عنه -: "لا حلف في الإسلام تمسكوا بحلف الجاهلية"[6].
وعن أم سلمة -رضي الله عنها-: "لا حلف في الإسلام. ما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"[7].
وفي
رواية مرسلة: "من كان حليفًا في الجاهلية فهو على حلفه، وله نصيبه من
العقل والنصر، يعقل عنه من حالف، وميراثه لعصبته من كانوا، لا حلف في
الإسلام، تمسكوا بحلف الجاهلية؛ فإن الله لم يزده في الإسلام إلا شدة"[8].
كما
ورد الحديث متفقًا عليه في الصحيحين (البخاري ومسلم)، من حديث أنس بن مالك
- رضي الله عنه - بلفظ: أبلغك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا
حلف في الإسلام"؟ فقال: قد حالف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش
والأنصار في داري[9].
وقد أوهم حديثُ أنسٍ هذا، أو بالأحرى فهْمُه - رضي الله عنه - لحديث جبير وإخوانه -رضي الله عنهم جميعًا- المسئولِ عنه[10]، بعضَهم أن بين الحديثين تعارضًا. والحق أنه لا تعارض ألبتة؛ إذ ثمَّ -في الحقيقة- قضيتانِ، وإن تكن كلٌّ منهما مركبةً من أجزاء...
القضية الأولى: تأكيدُ كل حلفٍ كان في الجاهلية، وفيها جزئيات...
1-
أن حلف الجاهلية مؤكّدٌ ومستمر في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"، وقوله: "ما كان من
حلف في الجاهلية فتمسكوا به"، وكما في حديث قيس - رضي الله عنه -: "تمسكوا
بحلف الجاهلية"[11]، أو "ما كان في الجاهلية فتمسكوا به"[12]، أو "ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية"[13]، أو "ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به"[14]. وكذا حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "وأوفوا بحلف الجاهلية"[15]. وحديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - وفيه: "شدة وحدة"[16]، أو "شدة أو حدة"[17]، أو "شدة أو جدة"[18]
-بالجيم- ولا أدري إن كان تصحيفًا. ويؤكده أيضًا قوله - صلى الله عليه
وسلم - عن حلف الفضول الذي حضره في الجاهلية: "وما يسرني أن لي حمر النعم
وأني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة"[19].
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وأخرج أيضا أحمد وأبو يعلى وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا[20]:
"شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحِبُّ أن أنكثه"... ويستفاد من حديث
عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام، وإلى ذلك الإشارة في
حديث جبير بن مطعم"[21].
2-
أن أحلاف الجاهلية هي ما كان قبل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حلف في
الإسلام". (واختلف الصحابة في الحد الفاصل بين الحلف الواقع في الجاهلية
والإسلام؛ فقال ابن عباس: ما كان قبل نزول الآية المذكورة[22]
جاهليٌّ وما بعدها إسلامي. وعن علي: ما كان قبل نزول ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾
(قريش: 1) جاهلي. وعن عثمان: كل حلف كان قبل الهجرة جاهلي وما بعدها
إسلامي. وعن عمر: كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود وكل حلف بعدها منقوض")[23]. قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "وأظن قول عمر أقواها"[24].
وقال
أبو محمد ابن حزمٍ -رحمه الله تعالى-: "فواجب أن نطلب معرفة الوقت الذي
قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحلف في الإسلام؛ فذكر عن عمر
بن الخطاب من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن
بن عوف قال: إن كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود، وكل حلف كان بعد
الحديبية فهو منقوض؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وادع قريشا
يوم الحديبية كتب -عليه السلام- حينئذ بينه وبينهم أنه من أحب أن يدخل في
عهد قريش وعقدها دخل، ومن أحب أن يدخل في عهد محمد - صلى الله عليه وسلم -
وعقده دخل. وقضى عثمان أن كل حلف كان قبل الهجرة فهو جاهلي ثابت وكل حلف
كان بعد الهجرة فهو في الإسلام وهو مفسوخ، قضى بذلك في قوم من بني بهز من
بني سليم. وقضى علي بن أبي طالب أن كل حلف كان قبل نزول ﴿لإِيلافِ
قُرَيْشٍ﴾ (قريش: 1) فهو جاهلي ثابت، وكل حلف كان بعد نزولها فهو إسلامي
مفسوخ؛ لأن من حالف ليدخل في قريش بعد نزول ﴿لإِيلافِ قُرَيْشٍ﴾ (قريش: 1)
ممن لم يكن منهم لم يكن بذلك داخلا فيهم؛ قضى في ذلك في حلف ربيعة إذنه في
جعفي وهو جد إسحاق بن مسلم إذنه. وقال ابن عباس: كل حلف كان قبل نزول
﴿وَلِكُلٍّ جَعَلنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ﴾إلى قوله: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ (النساء: 33)، فهو مشدود، وكل حلف كان بعد نزولها فهو مفسوخ"[25].
و(قال
عمر بن شبة -في كتاب "مكة"-: "حدثنا غسان حدثني عبد العزيز بن عمران عن
موسى بن يعقوب -وهو الزمعي- عن ابن لعبد الله بن عطاء بن أبي جليد عن أبيه
عن جده قال: أحدث بنو العرابة من بهز بطن من بني سليم في قومهم حدثا؛
قتلوا قتيلا ثم خرجوا فهبطوا على ابن أبي جليد فحالفوه، وكان ينزل ستارة
فطلبهم قومهم فمنعهم، وقال: هم حلفائي وأنا أعقل عنهم؛ فلما كان في زمن
عثمان خاصموه، وقالوا: حالفوه والنبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة؛ فهو
حلف إسلامي؛ فقضى عثمان: كل حلف كان ورسول الله بمكة فهو جاهلي، وما كان
في الهجرة فهو إسلامي؛ إذ لا حلف في الإسلام")[26].
قال
ابن حزمٍ -رحمه الله تعالى-: "فوجب أن ننظر في الصحيح من ذلك؛ فأما قول
عثمان - رضي الله عنه -: إن حد انقطاع الحلف إنما هو أول وقت الهجرة فلا
يصح؛ لأن أنسًا روى -كما ذكرنا- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حالف
بين قريش والأنصار بالمدينة، ولا يشك أحد في أن هذا الحلف كان بعد الهجرة.
وأما قول عمر - رضي الله عنه - في تحديده انقطاع الحلف بيوم الحديبية فهذا
أيضًا متوقّف؛ لأن حلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار
كان بعد الهجرة، ولا ندري أقبل الحديبية أم بعدَها. فأما نزول ﴿لإِيلافِ
قُرَيْشٍ﴾ (قريش: 1) والآية الأخرى ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلنَا﴾... ﴿نَصِيبَهُمْ﴾(النساء: 33)؛
فما ندري متى نزلتا؛ لأن جبير بن مطعم راوي "كل حلف كان في الجاهلية فلم
يزده الإسلام إلا شدة" لم يسلم إلا يوم الفتح؛ فلا يحمل هذا الخبر إلا على
يوم الفتح، والله أعلم"[27]. والحق أن الحق ما قال ابن حزمٍ، وسيأتي ما يدل له دلالةً لا تدع مجالاً للشك.
غير
أني أتحرّج أن أخالف الصحابة، خاصة الخلفاء الراشدين الثلاثة؛ الذين هم
-رضي الله عنهم وأرضاهم- أوعى بالوحي وأنصح للدين مني ومن ابن حزمٍ -رحمه
الله تعالى- فهل يكون للحق مخرجٌ في أن أسانيد هذه الروايات عن الصحابة
ضعيفة؛ فيكون هاهنا مندوحة عنها للبناء على ما صح.. كتاب الله تعالى وسنة
رسوله - صلى الله عليه وسلم -؟؟ لعل...
3-
أن الوفاء والتمسك بأحلاف الجاهلية يعني الوفاء والتمسك فقط بما لم يبطله
الشرع؛ فعن "عن قتادة قال: هم الأولياء. قال: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ
أَيْمَانُكُمْ﴾ (النساء: 33). قال: كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل
فيقول: "دمي دمك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك، وتطلب بدمي وأطلب بدمك"؛ فلما
جاء الإسلام بقي منهم ناس فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث، وهو السدس،
ثم نسخ ذلك بالميراث بعد؛ فقال: ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ (الأنفال: 75)"[28].
و"عن
ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
من كان حليفا في الجاهلية فهو على حلفه وله نصيبه من العقل والنصر يعقل
عنه من حالف، وميراثه لعصبته من كانوا، وقالوا: لا حلف في الإسلام،
وتمسكوا بحلف الجاهلية؛ فإن الله لم يزده في الإسلام إلا شدة"[29].
وقال السيوطي -رحمه الله تعالى-: "لا حلف في الإسلام"؛ أراد به حلف التوارث، والحلف على ما منع الشرع منه[30].
4-
أن حديث لا حلف في الإسلام متأخِّر؛ لأنه لما كان جبير بن مطعم - رضي الله
عنه - إنما أسلم بعد الفتح في العام الثامن، وأن قيس بن عاصم - رضي الله
عنه - إنما وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - في العام التاسع، وأن
حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما- تضمن ما يفيد سماع الحديث من رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - عام الفتح. وأن حديث عبد الله بن عباس تضمن: "كل حلف
كان في الجاهلية أو عقد أدركه الإسلام فلا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا عقد
ولا حلف عن الإسلام فنسختها هذه الآية ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ
أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (الأحزاب: 6)"[31]
- كان الحديث متأخرًا. وبذا يصح اعتباره ناسخا لما يستلزمه الحلف مما
استقر الشرع على عدمه؛ كتوارث غير ذي القربى، ونصرة الظالم وغيرهما.
5-
أنه لما كانت أحلاف الجاهلية قد زالت بانقراض أطرافها ودروس معالمها وكل
ما يتعلق بها بمضي أربعة عشر قرنا عليها أو يزيد؛ فإن هذه القضية لا
تعنينا أصلا في أمر إنشاء الأحزاب السياسية؛ إلا إن كانت الحزبية تعني
تناصرا بين أنصار حزب ما على ظلم أو باطل لا يقرهما الإسلام. وأما التوارث
بين غير أولي الأرحام وغيره مما كانت أحلاف الجاهلية تفعله فإن الحزبية
اليوم لا تفعله ولا تقول به.
القضية الثانية -وهي أهم-: إبطال كل حلف حادثٍ في الإسلام، وفيها...
1-
أن حديث "لا حلف في الإسلام" صحيحٌ تقوم به الحجة، وأن الحديث بشقيه
كليهما وحيٌ أوحاه الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز
تجاوزه؛ حيث فيه -كما في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: "قلت:
يا رسول الله! أكتب عنك ما سمعت؟ قال: "نعم"، قلت: في الغضب والرضى؟ قال:
"نعم؛ فإنه لا ينبغي لي أن أقول في ذلك إلا حقا"[32].
2-
أنه يعني إبطال كل حلف حادثٍ بعده، على الخلاف بين الصحابة - رضي الله
عنهم - فمن بعدهم في الحد الذي تقف أحلاف الجاهلية عنده، وقد رجحنا أنه
عام الفتح. ومن ثم جاز الاستشهاد به على منع الأحزاب في الإسلام إن كانت
تعني أحلافًا، وتوجب عندنا ما كانت توجبه الأحلاف عندهم؛ أي من نصرة
الظالم وتوريث غير أولي القربى، وغيرهما.
فـ"عن قتادة قال: كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول: "دمي دمك، وهدمي هدمك، وترثني وأرثك، وتطلب بدمي وأطلب بدمك" كما سبق[33]. وقال الزيلعي -رحمه الله تعالى-: (ورد بعض الناس هذا القول؛ أعني التوارث بالحلف بقوله -عليه السلام-: "لا حلف في الإسلام")[34].
3-
أنه لا تعارض بين حديث أنس وحديث جبير -رضي الله عنهما- كما يتوهم بعضهم؛
لأنه يصح تفسير الحلف في حديث أنس - رضي الله عنه - بالمؤاخاة؛ ففي بعض
رواياته: "قال: فغضب (أي أنسٌ - رضي الله عنه -) ثم قال: بلى، بلى!! قد
حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داره"،
وفيها: "قال سفيان: كأنه يقول: آخى"[35]. وقال: "فسَّرته العلماء: حالف آخى"[36].
قال
الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث؛ لأن
فيه نفيَ الحلف وفيما قاله هو إثباته، ويمكن الجمع بأن المنفي ما كانوا
يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما، ومن أخذ الثأر من
القبيلة بسبب قتل واحد منها، ومن التوارث، ونحو ذلك. والمثبت ما عدا ذلك
من نصر المظلوم، والقيام في أمر الدين، ونحو ذلك من المستحبات الشرعية؛
كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد"[37]، ولا شك أن المؤاخاة من معاني الحلف؛ كالموادَّة والنصرة.
كما أنها لو كانت أحلافا حقيقية وتامة في كل شيء، كما يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "لكن سياق عاصم[38] عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة؛ إلا لما كان الجواب مطابقا، وترجمة البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما"[39]؛ فإن مواقيتها قد انتهت؛ فقد مضى عليها أربعة عشر قرنا أو يزيد، ولم يعد معمولاً بها.
4- أنه يصح اعتبار حديث جبير ناسخًا لحديث أنس -رضي الله عنهما- لأن الأول متأخر عن الثاني[40]؛
ولأنه يؤيده القرآن في مثل قوله تعالى: ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ (الأنفال: 75). غير أنه سيُعترض بأن هذا
مخالفٌ لفهم أنس لحديث جبير -رضي الله عنهما- فلا يبقى إلا أن يخصص الحلف
بالمؤاخاة ونحوها؛ كما حاول سفيان وغيره. فيمكن التوفيق بين الحديثين؛ كما
فعل سفيان بن عيينة -رحمه الله تعالى- فحصر الحلف في المؤاخاة، وهي جزء
منه كما أسلفنا؛ فيكون إنكار أنس - رضي الله عنه - نسخ الحلف إنكارًا لنسخ
المؤاخاة والتعاون على البر والتقوى ونحوهما من مقاصد الإسلام وفروضه
الواجبة على المؤمنين؛ كما يؤكد قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10)، وقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة:
2)، ونحو هذا. قال الحافظ -رحمه الله تعالى-: "قال النووي: المنفي حلف
التوارث وما يمنع منه الشرع، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم
والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغب فيه"[41].
5-
أن بين الحلف في حديثي جبير وأنس عموما وخصوصا؛ فقوله: "حَالَف رسولُ الله
- صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار في دارنا مرَّتِين"؛ أي
آخَى بينهم وعاهد. وفي حديث آخر "لا حِلفَ في الإسلام"؛ أصل الحِلف
المُعاقَدُة والمعاهدة على التَّعاضُد والتَساعُد والاتفّاق؛ فما كان منه
في الجاهلية على الفِتَن والقتال بين القبائل والغارات؛ فذلك الذي ورد
النّهْى عنه في الإسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا حِلفَ في
الإسلام"، وما كان في الجاهلية على نَصْر المَظْلوم وصلة الأرحام؛ كحلف
المُطَيِّبين وما جرى مَجْراه فذلك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -:
"وأَيُّما حِلفٍ كان في الجاهلية لم يَزِدْه الإسلام إلا شدة".. يريد من
المُعاقدة على الخير ونُصْرَة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا الحِلف
الذي يَقْتَضِيه الإسلام، والمَمْنُوع منه ما خالف حُكْم الإسلام"[42].
وهذا يتضح من معنى الحلف والمؤاخاة؛ فـ"الحِلف" -بكسر المهملة وسكون اللام بعدها فاء- هو المعاهدة[43]..
"حَلَف، يحلف بالكسر، حَلِفا بكسر اللام، ومَحْلُوفًا، وهو أحد ما جاء من
المصادر على مفعول. وأحْلَفَهُ، وحَلَّفَهُ، واسْتَحْلَفهُ: كله بمعنى،
والحِلفُ، بوزن الحقف: العهد يكون بين القوم، وقد حَالَفهُ أي عاهده،
وتَحَالفُوا: تعاهدوا، وفي الحديث: "أنه حالف بين قريش والأنصار"، يعني
آخى بينهم؛ لأنه لا حلف في الإسلام، والحَلِيفُ المُحَالِفُ، والمولى"[44]. "والمعنى أنهم لا يتعاهدون في الإسلام على الأشياء التي كانوا يتعاهدون عليها في الجاهلية"[45].
"قال
ابن عبد البر: كانت المؤاخاة مرتين؛ مرة بين المهاجرين خاصة، وذلك بمكة،
ومرة بين المهاجرين والأنصار فهي المقصودة هنا. وذكر ابن سعد بأسانيد
الواقدي إلى جماعة من التابعين قالوا: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم
- المدينة آخى بين المهاجرين وآخى بن المهاجرين والأنصار على المواساة،
وكانوا يتوارثون، وكانوا تسعين نفسا بعضهم من المهاجرين وبعضهم من
الأنصار، وقيل: كانوا مائة؛ فلما نزل ﴿وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ﴾ (الأنفال:
75) بطلت المواريث بينهم بتلك المؤاخاة... كما في حديث ابن عباس: "لما
قدموا المدينة كان يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة التي آخى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم، وعند أحمد من رواية عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده نحوه؛ قال السهيلي: آخى بين أصحابه ليذهب عنهم وحشة الغربة
ويتأنسوا من مفارقة الأهل والعشيرة، ويشد بعضهم أزر بعض؛ فلما عز الإسلام،
واجتمع الشمل، وذهبت الوحشة أبطل المواريث، وجعل المؤمنين كلهم إخوة وأنزل
﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ (الحجرات: 10)؛ يعني في التوادد وشمول
الدعوة"[46].
6-
وهو أهمها: أن عدم جواز الحلف في الإسلام معلَّلٌ؛ كما في حديث عبد الله
بن عمرو -رضي الله عنهما- حيث قال صلى الله عليه وسلم -فيه-: "المؤمنون يد
على من سواهم، يجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم، يرد سراياهم على
قعيدتهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب،
لا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم"[47]، "تتكافَأُ دماؤهم"[48]. وقال: "يسعى بذمتهم أدناهم"[49]، وقال: "لا تحدثوا حلفا في الإسلام"[50].
بمعنى أن الممنوع أن يتحالف مسلمٌ مع مسلمٍ ضد مسلمٍ غير ظالمٍ ولا معتدٍ،
وهذا معلومٌ حرمتُه بداهة؛ إذ كيف تحرّم النجوى بقوله - صلى الله عليه
وسلم -: "إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةٌ فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ
الثَّالِثِ"[51]، ويباح الحلف -بهذا المفهوم الجاهلي- وهو أكبر منها بكثير؟!!
ثم
إن القرآن العظيم قد استثنى النجوى بالبر والتقوى من التحريم، وقصره على
النجوى بالإثم والعدوان ومعصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا
بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا
بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ
تُحْشَرُونَ﴾ (المجادلة: 9). وحاجة المسلمين للأحلاف لأداء فروض الإسلام
أكبر بكثير من حاجتهم إلى المناجاة، وما في الحلف من البر أكثر مما فيها،
ولو كان كل حلفٍ ومن أي نوعٍ حرامًا لما غزا جيشٌ في سبيل الله، ولا شاع
فقهٌ في الدين، ولا أمر بمعروفٍ ولا نُهي عن منكر، وفي الأخير ما قامت
للإسلام قائمة.
7-
إن كان الأمر كذلك، وكان الإسلام دينًا مستمرّا على مر الدهر، وهو بالفعل
قد نزل لنا ولمن بعدنا كما نزل لمن قبلنا، وأن هذا الحديث -بعد إذ صحَّ-
جزءٌ من ديننا ووحيٌ مما أوحي إلى نبينا؛ فكيف نفيد منه في موضوعنا؟؟
ما
أعلمه أنا نفيد منه في أن لا تكون الأحلاف على محرَّم بالشرع؛ لا أن تكون
ممنوعةً مطلقا، وكذلك في منع الحلف بين ما هو إسلامي وما هو غير إسلامي من
الأحزاب، وفي الأخير أريد أن أقول: إنني أحمل حديث "لا حلف في الإسلام"
على حرمة الأحلاف (الأحزاب) في الدولة الإسلامية، وهذا موافق تمامًا
لنظريتي "الإسلام دين وأمة ودولة" في أنه تجوز الأحلاف (الأحزاب) في "أمة
الإسلام"؛ أي قبل قيام دولته، ولا تجوز بعد قيامها، والله تعالى أعلم
بالصواب.
المصدر
(من كتاب "العملُ الحزبيُّ فِي الإسْلام، هل هو لِزَام.. وهَل هو حرَام؟" لأبي الحسن محمد محمود صقر)
[1] الإسلام عندي دينٌ وأمةٌ ودولة، والإسلام بغير هذا المفهوم هو إسلامٌ منقوص لا يقبله الله تعالى ولا يرضاه المسلمون.
[2]
أخرجه مسلم في كِتَاب فَضَائِلِ الصَّحَابَة، بَاب/ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم (ح4602)، وأبو داود
في كِتَاب الْفَرَائِض، باب/ فِي الْحِلْفِ (ح2540) وصححه الألباني، وأحمد
في «مسنده» (4/83 ح16411)، والحاكم في «المستدرك» (ح2800) وقال: «هذا حديث
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، وقال الذهبي في «التلخيص»: «على شرط
البخاري ومسلم»، وابن حبان في «صحيحه» (ح4463) وصححه شعيب الأرنؤوط،
والطبراني في «الكبير» (ح1575). وأخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ح4464) وقال
الشيخ شعيب الأرنؤوط: «إسناده صحيح على شرطهما»، والنسائي في «السنن
الكبرى» (ح6202)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (ح7351) وقال الشيخ حسين
سليم أسد: «إسناده صحيح». وأخرجه الطحاوي في المشكل (ح5274) بلفظ: «ما كان
من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، لا حلف في الإسلام».
[3] (صحيح)
أخرجه أحمد في «المسند» (ح2792)، والطبري في «تفسيره» (ح8546، 6/682)،
والطبراني في «مسند الشاميين» (ح2368)، والبوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة
بزوائد المسانيد العشرة» (ح4892)، والهيثمي في «بغية الباحث عن زوائد مسند
الحارث» (ح919)، والدارمي في «سننه» (ح2446)، وابن حبان في «صحيحه»
(ح4462) وصححه الأرنؤوط على شرط مسلم، والضياء في «المختارة» (ح4237
وح4238).
[4] (حسن)
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ح4461). وزاد الطيالسي في «مسنده» (ح1168)،
والطحاوي في «المشكل» (ح5276)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني»
(ح1058)، والبوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (ح4883): «تمسكوا بحلف
الجاهلية». وهذه الرواية بسند مرسل عند الحميدي في «مسنده» (ح1155)، وعبد
الرزاق في «مصنفه» (ح18565)، والطحاوي في «المشكل» (ح1396)، وأبي نعيم في
«ذكر من اسمه شعبة» (ح4)، ومعمر بن راشد في «الجامع» (ح1552)، وأبي الفرج
الأصفهاني في «الأغاني» (ح238). وبلفظ «وتمسكوا» في «كشف الأستار» للهيثمي
(ح1806). وأخرجه في «مسند الشهاب» (ح792)، وابن قانع في «معجم الصحابة»
(ح165)، وابن شاذان في «الثاني من أجزائه» (ح62) بلفظ: «ما كان في
الجاهلية فتمسكوا به»، والبزاز في «الأول من حديثه» (ح66) بلفظ «وما كان»،
والطبري في «تفسيره» (ح8548) بلفظ «ولكن تمسكوا». وأخرجه أحمد في «المسند»
(ح20117)، والطبراني في «الكبير» (ح15284)، والطبري في «تفسيره» (ح8549،
6/683) بلفظ: «ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به لا حلف في الإسلام».
[5] (حسن)
أخرجه أحمد في «المسند» (ح6743) عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: فَحَدَّثَنِي
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وفيه: «كل حلف كان في
الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة لا حلف في الإسلام»، والبغوي في «شرح
السنة» (ح2547)، والذهبي في «تاريخ الإسلام» (ح1232، 2/557)، والبيهقي في
«دلائل النبوة» (ح1866، 5/86)، والطبري في «تفسيره» (ح8555، 6/685)،
والطحاوي في «المشكل» (ح1399، و5275) بسند حسن.
[6] (صحيح بشواهده)
أخرجه ابن قانع في «معجم الصحابة» (ح164) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ جَبَلَةَ نا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ نا
جَرِير عَنْ مُغِيرَة عَنْ أَبِيه عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التوأم عَنْ
أَبِيهِ، وهذا سند ضعيف؛ لكن الحديث صحيح بما سبق من شواهده.
[7]
(صحيح بشواهده) أخرجه الطبراني في «الكبير» (ح19372)، والطبري في «تفسيره»
(ح8550، 6/683)، وأبو يعلى في «مسنده» (315/2 ح6855) وضعَّف الشيخ حسين
سليم أسد سنده، والبوصيري في «إتحاف الخيرة» (ح4887) بلفظ «أيما حلف كان
في الجاهلية فلم يزد في الإسلام». والهيثمي في «المقصد العلي» (ح901) بلفظ
«وأيما». وهو -كسابقه- صحيح بشواهده.
[8] (مرسل)
أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (ح18566) بسند مرسل. وفي «إتحاف الخيرة
المهرة» (ح4884)، ولم يذكر المصنف اسم راويه، بلفظ: «ما كان حلف في
الجاهلية فتمسكوا به لا حلف في الإسلام»، وجزآه الأول والأخير المكرران في
الروايات السابقة صحيحان بالشواهد، أما وسطه فضيفٌ لعلة الإرسال.
[9] (متفق عليه)
أخرجه البخاري في باب قوله تعالى: (والذين عقدت أيمانكم) (ح2141، وأطرافه
في/ 6083 و7341)، ومسلم في كِتَاب فَضَائِلِ الصَّحَابَة، بَاب/
مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وسلم بين أصحابه رضي الله
عنهم (ح4600)، وأبو داود في باب في الحلف (ح2926). وأخرجه أحمد في
«المسند» (ح12421) بسند شديد الضعف. وهو في «صحيح ابن حبان» (10/148 ح172)
وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: «إسناده صحيح على شرط الشيخين»، والطحاوي في
«مشكل الآثار» (ح1397)، والحميدي في «مسنده» (ح1154)، والخطابي في «غريب
الحديث» (ح824)، كلهم من حديث أنس - رضي الله عنه -.
[10] الراجح أن السائل عاصم الأحول الراوي عن أنس - رضي الله عنه - لقوله -في بعض الروايات-: «قلت لأنس».
[11] (حسن)
أخرجه الطيالسي في «مسنده» (ح1168)، والطحاوي في «المشكل» (ح5276)، وابن
أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (ح1058)، والبوصيري في «إتحاف الخيرة
المهرة» (ح4883) بسند متصل. وأخرجه الحميدي في «مسنده» (ح1155)، وعبد
الرزاق في «مصنفه» (ح18565)، والطحاوي في «المشكل» (ح1396)، وأبي نعيم في
«ذكر من اسمه شعبة» (ح4)، ومعمر بن راشد في «الجامع» (ح1552)، وأبي الفرج
الأصفهاني في «الأغاني» (ح238) بسند مرسل. وهو بلفظ «وتمسكوا» في «كشف
الأستار» للهيثمي (ح1806).
[12] (حسن)
أخرجه في «مسند الشهاب» (ح792)، وابن قانع في «معجم الصحابة» (ح165)، وابن
شاذان في «الثاني من أجزائه» (ح62)، والبزاز في «الأول من حديثه» (ح66).
[13] (حسن) أخرجه الطبري في «تفسيره» (ح8548).
[14] (صحيح)
أخرجه أحمد في «المسند» (5/61 ح20117) من طريقين عن مغيرة عن أبيه عن شعبة
بن التوأم عن قيس بن عاصم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والطبراني في
«الكبير» (ح15284)، والطبري في «تفسيره» (ح8549، 6/683). وقال الألباني
-في «السلسلة الصحيحة» (5/333)-: «قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال
البخاري، غير شعبة بن التوأم، وقد روى عنه جمع من الثقات، وذكره ابن حبان
في «الثقات»، وأخرج حديثه هذا في «صحيحه» مختصرا (ح2060 موارد). ومغيرة هو
ابن مقسم بن بجرة.
[15] (حسن) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/212-213)، وابن خزيمة في «صحيحه» (232/1)، وحسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (5/333).
[16] (حسن)
أخرجه الدارمي في «سننه» (ح2446)، وابن حبان في «صحيحه» (ح4462) وصححه
الأرنؤوط على شرط مسلم، والضياء في «المختارة» (ح4237 وح4238)، وفي «حديث
أبي بكر الأنباري» (ح123).
[17] (حسن)
أخرجه ابن حبان في «صحيحه» (ح4462)، والطبراني في «الكبير» (ح11584)، وأبو
يعلى الموصلي في «مسنده» (ح2308) وضعفه حسين سليم أسد، والهيثمي في
«المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي» (ح902)، والبوصيري في «إتحاف
المهرة» (ح8190، 4126، 6992).
[18] (ضعيف) أخرجه الضياء في «المختارة» (ح4406)، والطبري في «تفسيره» (ح8547) بسند فيه مسعود بن الحسن الثقفي وهو ضعيف الحديث.
[19] (حسن)
أخرجه الدارمي (2/243) وابن حبان (ح2061) وأحمد (1/317 و329)، والضياء في
«المختارة» (ح4236)، وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف سيأتي توًّا
أخرجه أحمد (1/190).
[20] حديث عبد الرحمن - رضي الله عنه - هو المشار إليه في الحاشية السابقة.
[21]
انظر: «فتح الباري شرح صحيح البخاري» لأبي الفضل أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني (ج10 ص502) تحقيق/ عبد العزيز بن باز ومحب الدين الخطيب نشرة
دار الفكر، مصورة عن الطبعة السلفية، باختصار.
[22]
يعني قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ
الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ﴾ إلى قوله: ﴿فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾
(النساء: 33).
[23] انظر: «فتح الباري شرح صحيح البخاري» السابق (ج10 ص502)، مختصرا.
[24] انظر: «فتح الباري» (ج7 ص136) مختصرا.
[25] انظر: «المحلى بالآثار» لعلي بن أحمد بن سعيد بن حزم (ج11 ص283 وما بعدها) ط. دار الفكر - القاهرة.
[26]
انظر: «الإصابة في تمييز الصحابة» لأحمد بن علي بن حجر أبي الفضل
العسقلاني الشافعي (ج5 ص128) تحقيق/ علي محمد البجاوي ط1 دار الجيل -
بيروت 1412.
[27] انظر: «المحلى بالآثار» لأبي محمد ابن حزم (ج11 ص283-284).
[28]
انظر: «مصنف عبد الرزاق» لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ج10 ص305)
تحقيق/ حبيب الرحمن الأعظمي ط2 المكتب الإسلامي - بيروت 1403.
[29] انظر: «مصنف عبد الرزاق» (ج10 ص307).
[30]
انظر: «المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج» المعروف (شرح النووي على صحيح
مسلم) لأبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ج16 ص82) ط2 دار إحياء التراث
العربي - بيروت 1392.
[31] انظر: «تفسير ابن كثير» لإسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (ج2 ص290) نشرة دار طيبة 1422. وأخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (ح5282).
[32] (حسن) أخرجه أحمد (ح6518 و6755) وابن خزيمة في «صحيحه» (ح2132 و2133) بسند حسن.
[33] انظره: في «مصنف عبد الرزاق» (10/305 ح19197)، باختصار شديد.
[34]
انظر: «نصب الراية لأحاديث الهداية، مع حاشيته بغية الألمعي في تخريج
الزيلعي» لجمال الدين أبي محمد عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي (ج4
ص149) تحقيق/ محمد عوامة ط1 مؤسسة الريان للطباعة والنشر - بيروت، ودار
القبلة للثقافة الإسلامية - جدة 1418هـ.
[35] (صحيح) أخرجه أحمد في «المسند» (ح11866) بسند متصل رجاله ثقات على شرط الشيخين.
[36] (صحيح) أخرجه الحميدي في «مسنده» (2/507 ح1205)، والخطابي في «غريب الحديث» (ح824) بسند متصل رجاله ثقات على شرط الإمام البخاري.
[37] انظر: «فتح الباري شرح صحيح البخاري» السابق (ج10 ص502) مختصرا.
[38] يعني عاصمًا الأحول السائل أنسًا - رضي الله عنه -.
[39] انظر: المصدر السابق (ج10 ص502) مختصرا.
[40]
أي أن المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في دار أنس متقدم على حديث «لا حلف
في الإسلام»؛ فحديث أنس في البخاري ومسلم الذي يستشهد به مانعو الأحزاب
-كما هو واضحٌ- عليهم لا لهم. وحديث جبير هو ما يمكن أن يكون دليلا لهم،
لولا ما يعترضه من فهم أنس - رضي الله عنه - الذي مفاده أن التحالف على ما
لم يمنعه الإسلام جائزٌ؛ لأن أنسًا لم يفهم من حديث جبير -رضي الله عنهما-
نسخَ حديثِه.
[41] انظر: المصدر السابق (ج10 ص502) مختصرا.
[42]
انظر: «النهاية في غريب الحديث والأثر» لأبي السعادات بن الأثير (ج1
ص424-425) تحقيق/ طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، ط. المكتبة
العلمية - بيروت سنة النشر 1399.
[43] انظر: في «فتح الباري شرح صحيح البخاري» نشرة دار الفكر (ج10 ص501).
[44]
انظر: «مختار الصحاح» لمحمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ص167) مادة
«حلف» تحقيق/ محمود خاطر ط. مكتبة لبنان ناشرون - بيروت 1415.
[45] انظر: في «فتح الباري شرح صحيح البخاري» السابق (ج7 ص136).
[46] انظر: المصدر السابق (ج7 ص270).
[47] (حسن) سبق تخريجه.
[48] (حسن)
أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (8/29 ح14637)، وهي طريق صرَّح فيها ابن
إسحاق بالتحديث، وابن المنذر في «الأوسط» (ح229 وح3288)، وابن الجارود في
«المنتقى» (ح1037)، والمديني في «اللطائف من علوم المعارف» (ح341)، وفيها:
«المسلمون يد على من سواهم، تتكافَأُ دماؤهم، يجير عليهم أدناهم ويرد
عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف
دية المسلم، لا جلب ولا جنب، لا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم».
[49] (صحيح بشواهده)
أخرجه أبو داود في كِتَاب الجِهَاد، باب/ فِي السَّرِيَّةِ تَرُدُّ عَلَى
أَهْلِ الْعَسْكَرِ (ح2375)، وأحمد في «مسنده» (ح6621)، ابن خزيمة في
«صحيحه» (ح2280)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/335 ح11977). وله شاهد
صحيح من حديث علي رضي الله عنه؛ أخرجه النسائي في كِتَاب الطَّهَارَةِ،
باب/ التَّوْقِيتُ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُقِيم (ح4679
و4691)، وأحمد في «مسنده» (ح966) بسند على شرط الشيخين، وآخر من حديث
عائشة -رضي الله عنها- عند أبي يعلى (ح4757)، ومن حديث ابن عباس -رضي الله
عنهما- عند ابن ماجة في كِتَاب الدِّيَاتِ، باب/ بَاب الْمُسْلِمُونَ
تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ (ح2675) لكنْ هذان سندان ضعيفان.
[50] (حسن)
أخرجه الترمذي في (ح1510)، وأحمد في «المسند» (ح6817)، والطبري في
«تفسيره» (ح8551، 6/684)، وقال الترمذي: «وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف
وأم سلمة وجبير بن مطعم وأبي هريرة وابن عباس وقيس بن عاصم، وهذا حديث حسن
صحيح»، وقال الألباني: «حسن».
[51] (متفقٌ عليه)
أخرجه البخاري في كتاب الاستئذان، باب/ لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ
الثَّالِثِ (ح5843)، ومسلم في كِتَاب السَّلَام، باب/ تَحْرِيمِ
مُنَاجَاةِ الاثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ (ح4059) من حديث ابن عمر، ولهما
أيضا من حديث ابن مسعود -رضي الله عنهم- بلفظٍ أوفى.
دمتم برعاية الرحمن وحفظه